للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سيبويه: " وإنما جاء هذا على جواب كم؛ لأنه حمله على عدة الأيام والليالي، فجرى على جواب ما هو للعدد، كأنه قال: سير عليه يومين أو ثلاثة أيام ".

يعني أن الدهر والأبد جرى على جواب " كم "؛ لأنه موضوع على عدة الأيام وترادفها، كما كان سير عليه يومان أو ثلاثة " أيام " على ذلك، ولا يجوز أن يكون السير في أحد اليومين إذا قلت: " سير عليه يومين ".

قال: وأما " متى "، فإنما تريد أن توقت لك بها وقتا، ولا تريد بها عددا فإنما الجواب اليوم أو يوم كذا أو شهر كذا ".

وقد بينا هذا، وذكرنا أن " متى " جعلت للدلالة على وقت بعينه، لينماز من سائر الأوقات قال: (ومما أجري مجرى الدهر والليل والنهار المحرّم وصفر وسائر أسماء الشهور إلى ذي الحجة؛ لأنهم جعلوهن جملة واحدة لعدة الأيام، كأنهم قالوا: سير عليه الثلاثون يوما، ولو قلت: شهر رمضان أو شهر ذي القعدة، لكان بمنزلة يوم الجمعة والليلة والبارحة، ولصار جواب " متى ").

قال أبو سعيد: ظاهر كلام سيبويه الفصل بين أن تقول شهر كذا، وبين ألا تذكر الشهر، فإذا قلت: " سير عليه المحرم " فالسير في كل يوم من أيام المحرم، وإذا قلت: " سير شهر المحرم " أو " شهر ذي القعدة " جاز أن يكون السير في بعضه.

وهذه رواية رواها، كأنهم جعلوا قولهم المحرم نائبا مناب قولهم: الثلاثين يوما، وهم لو قالوا: " سير عليه الثلاثون يوما " لكان السير في كل يوم منهن، وإذا أدخلوا " شهرا " جعلوه اسما للوقت بعينه، فصار بمنزلة يوم الجمعة.

فإن قال قائل: فكيف اختلفا وهما لمعنى واحد؟ قيل له: قد يجوز- وإن كانا لمعنى واحد- أن يكون أحدهما يدل عليه من طريق الكمية، والآخر من طريق التوقيت، ألا ترى أنّا إذا قلنا: " سير عليه يوم الجمعة " يجوز أن يكون السير في بعضه، وإذا قلنا: " سير عليه ساعات يوم الجمعة "، لم يجز أن يكون السير في ساعة منها، وساعات يوم الجمعة في معنى " يوم الجمعة ".

وقال أبو إسحاق الزجاج في قول سيبويه: " ومما أجري مجرى الدهر والليل والنهار المحرم وصفر " قولا يخالف ما ذكرناه، وليس ببعيد، قال: يعني إذا عطفت على المحرم صفرا، فقلت: " سير عليه المحرم وصفر " فلا بد أن يكون السير في كل واحد من

<<  <  ج: ص:  >  >>