للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمّرتك الله إلا ما ذكرت لنا ... هل كنت جارتنا أيّام ذي سلم (١)

وقال آخر:

عمّرتك الله الجليل فإنّني ... ألوي عليك لو أنّ لبّك يهتدي (٢)

وأمّا نصب اسم الله تعالى فلأنه منصوب مفعول المصدر. فكأنّه قال: أسألك بتذكيرك الله أو بوصفك الله تعالى بالبقاء.

وأجاز الأخفش (٣) رفعه على أن الفاعل للتذكير هو الله تعالى، كأنه قال: أسألك بما ذكّرك الله تعالى به، وقعدك بمعنى: عمرك، وفيه لغتان:

قعدك الله، وقعيدك الله، قال الشاعر:

فقعدك ألّا تسمعيني ملامة ... ولا تنكئي قرح الفؤاد فتيجعا (٤)

وتقديره: أسألك بقعدك وبقعيدك الله، ومعناه بوصف الله تعالى بالثبات والدوام، مأخوذ من القواعد التي هي الأصول لما يثبت ويبقى، ولم يتصرف منه فعل فيقال:

قعّدتك الله كما قيل: عمّرتك الله، لأن العمر معروف في كلام العرب، وهي كثيرة الاستعمال له في اليمين، فلذلك تصرّف وكثرت مواضعه.

وأما جواب عمرك الله، وقعدك الله، ونشدتك الله؛ فإنها تكون بخمسة أشياء:

بالاستفهام، والأمر، والنهي، وأن، وإلّا، ولمّا.

والأصل في ذلك: نشدتك الله ومعناه: سألتك به، وطلبت منك به؛ لأنه يقال:

نشد الرجل الضالة إذا طلبها، كما قال:

" أنشد والباغي يحبّ الوجدان "

أي: أطلب الضّالة والطّالب يحبّ الإصابة، وجعل عمرك الله وقعدك الله في معنى الطلب والسؤال كنشدتك الله، فكان جوابها كلّها ما ذكرت لك، لأن الأمر والنهي


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش الأوسط سكن البصرة قرأ النحو على سيبويه وكان معتزليا توفي ٢١٥ هـ، الفهرست: ٥٢، معجم الأدباء ١١، ٣٣٤.
(٤) خزانة الأدب ٢: ٢٠، ١٠: ٥٤، ٥٦؛ تاج العروس (قعد)؛ جمهرة أشعار العرب ١٤٢، وجميعهم يرويه ب (قعيدك).

<<  <  ج: ص:  >  >>