للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجب أو دعاء.

قال سيبويه: (ومن العرب من ينصب بالألف واللّام، ومن ذلك: الحمد لله، ينصبها عامّة من بني تميم وكثير من العرب، وسمعنا العرب الموثوق بهم يقولون:

التّراب لك؛ فتفسير نصب هذا كتفسيره حيث كان نكرة، كأنك قلت: حمدا وعجبا ثم جئت ب " لك " لتبين من تعني ولم تجعله مبنيا عليه فتبتدئه).

وقد مضى تفسير هذا.

[هذا باب من النكرة يجري مجرى ما فيه الألف واللام من المصادر والأسماء]

وما في هذا الباب من كلام سيبويه قد مضى شرحه في تضاعيف الأبواب المتقدّمة له، وأنا أسوق كلام سيبويه إلى آخر الباب إلّا الشيء اليسير الذي يحتاج إلى تفسير.

قال: (وذلك قولك: سلام عليك، ولبّيك وخير بين يديك، والمراد في قوله:

خير بين يديك، وويل لك، وويح لك، وويس له، وويلة لك، وعولة وخير لك، وشرّ لك، وفَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (١)؛ فهذه الحروف كلّها مبتدأة مبنيّ عليها ما بعدها، والمعنى فيهنّ: ابتدأت شيئا قد ثبت عندك ولست تعمل في حال حديثك في إثباتها وتزجيتها وفيها ذلك المعنى، كما أن " حسبك " فيه معنى النهي، وكما أن قولك:

" رحمة الله عليه " في معنى: رحمه الله، فهذا المعنى فيها، ولم تجعل بمنزلة الحروف التي إذ ذكرتها كنت في حال ذكرك إياها تعمل في إثباتها وتزجيتها، كما أنهم لم يجعلوا " سقيا ورعيا " بمنزلة هذه الحروف؛ فإنما نجريها كما أجرتها العرب ونضعها في المواضع التي وضعن فيها، ولا تدخلنّ ما لم يدخلوا من الحروف. ألا ترى أنك لو قلت: طعاما لك أو شرابا لك أو مالا لك تريد معنى سقيا لك أو معنى المرفوع الذي فيه معنى الدعاء لم يجز، لأنه لم يستعمل هذا الكلام كما استعمل ما قبله، فهذا يدلّك ويبصّرك أنّه ينبغي لك أن تجرى هذه الحروف كما أجرتها العرب، وأن تعني ما عنوا بها؛ فكما لم يجز أن يكون كلّ حرف بمنزلة المنصوب الذي أنت في حال ذكرك


(١) سورة البقرة، الآية: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>