للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي: جوانبه، وصار طرّا وقاطبة في معنى جمعا، وصار نصبها كنصب مررت بهم جمعا، ورأيته مكافحة وفجاءة.

قال سيبويه: (فجعلت هذه يعني الجمّاء الغفير بمنزلة المصادر المعروفة البيّنة، يعني: العراك وما جرى مجراه، كما جعلوا عليك ورويدك كالفعل المستعمل، وكما جعلوا لبّيك، وسبحان بمنزلة سقيا وحمدا، وهذا تفسير الخليل.

ومعنى قولهم: جعلهم عليك، ورويدك كالفعل المستعمل فإنّ عليك زيدا بمنزلة خذ زيدا، ورويدك كقولك: أمهل زيدا، وكجعلهم لبيك وسبحان وإن كانا غير متصرفين بمنزلة حمدا وسقيا في النصب، وتقدير ناصب ينصبها).

وقد حكي عن المازنيّ أنه قال: يقال طررت القوم إذا مررت بهم جميعا، وإذا صح هذا لم يوجب تمكّن " طرّا " لا يكون مأخوذا من لفظ " طرّ " كما أخذ " سبّح " من لفظ " سبحان "، وهلل من قولك: لا إله إلا الله.

قال: (وزعم يونس أنّ " وحده " بمنزلة عنده وأن " خمستهم " و " الجمّاء الغفير " و " قضّهم " بمنزلة قولك: جميعا وعامّة، وكذلك طرّا وقاطبة عنده بمنزلة وحده، وجعل المضافة منه بمنزلة " كلّمته فاه إلى فيّ "، وليس مثله لأن الآخر هو الأول عند يونس، وفاه إلى فيّ ههنا غير الأول، وأما طرّا وقاطبة فأشبه ذلك لأنّه جيّد أن يكون حالا غير أن المصدر نكرة، والذي نأخذ به الأول).

قال أبو سعيد: مذهب يونس أن الجمّاء الغفير اسم؛ لأنّه موضع المصدر وأن الألف واللام في نية الطرح، وقد ردّ هذا سيبويه بأنّ " فاه إلى في " غير الأول، و " وحده " عند يونس هو الأوّل، ومعنى ذلك أن يونس يجعل " وحده " إذا قلت: " مررت به وحده " بمنزلة متوحّدا ومنفردا، ويجعل المرور به، وكذلك إذا قلت: لقيته وحده جعلت " وحده " بمعنى منفردا وجعلته الملقيّ، وتقول: " كلّمته فاه إلى فيّ " معناه معنى المشافهة، وذلك وجه آخر.

قال يونس: " مررت به وحده "، معناه على حياله في موضع الظّرف، وإذا كان الظرف صفة أو حالا قدّر فيه مستقرّ ناصب للظرف، ومستقر هو الأول.

وأما مذهب سيبويه في " وحده " فالذي قال المبرّد: إنه يحتمل أن يكون الفاعل والمفعول به، أما كونه للمفعول به فهو أن تقول: مررت به وحده أي: منفردا في مكانه

<<  <  ج: ص:  >  >>