للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني عبارة عن الظرف والهاء في غيره عبارة عن المبتدإ.

فأما قوله: (وصار بمنزلة النون)، يعني صار المبتدأ بمنزلة النون، وهو عشرون، وخير منك في عملها فيما بعدها، لأن عشرين تنصب درهما إذا جاء بعدها، وخير منك ينصب عملا.

فظاهر هذا أن المبتدأ نصب الظرف الذي بعده، ثم حقق هذا بقوله: فصار هو خلفك، وزيد خلفك بمنزلة ذلك، يعني بمنزلة العشرين، وخير منك في نصبهما ما بعدهما.

وقوله: (والعامل في خلف الذي هو موضع له) ف (هو) الذي يرجع إلى خلف، والهاء في (له) ترجع إلى الذي، فكأنه قال: والعامل في خلف الاسم الذي الخلف موضع له، وذلك الاسم هو المبتدأ الذي هو في موضع خبره، وظاهر هذا كله: أن المبتدأ ينصب الظرف، فكما يرفع الخبر إذا كان هو هو نحو قولك:

زيد أخوك، والأخ قد عمل فيه الأول فارتفع به، يعني أخوك قد عمل فيه زيد، فارتفع، وقوله: (وبه استغنى الكلام وهو ينفصل منه)، أي: ليس بنعت له، فهذا ما يقتضيه اللفظ ظاهرا، ويجوز أن يكون سيبويه جعل المبتدأ لمّا كان الفعل لا يظهر وكان ذكره نائبا عن ذكر الفعل، أقامه مقام الفعل في العمل لمّا ناب عن ذكره وأغنى عنه فنسب

العمل إليه. ويجوز أن يكون نسب العمل في الظرف إلى المبتدإ لأن فاعل استقر هو المبتدأ، فالمضمر هو المظهر وملابسته للفعل المضمر جاز أن يعبّر عنه أنه العامل فيه.

ومما يقوي أن الناصب للظرف الفعل المقدر الذي فيه ضمير المبتدإ، لأن الاسم لا يرتبط باسم هو غيره إلا بضمير يعود إليه، ألا ترى أنه لا يجوز: زيد عمرو قائم، حتى تقول: إليه ونحو هذا، فلما كان الظرف غيره احتاج إلى شيء تربطه به، فكان الفعل المقدر الذي ينصب الظرف، وفيه ضمير الاسم.

وأما الكوفيون فإنهم يجعلون في الظرف عائدا، والظرف اسم لا يحتمل الضمير إلا بتقدير الفعل، أو تأويله.

قال سيبويه: (ومن ذلك قول العرب: هو موضعه وهو مكانه)، والموضع والمكان ظرفان متمكنان، وكذلك (هذا مكان هذا، وهذا رجل مكانك).

قال أبو سعيد: هذا يكون على معنيين كلاهما ظرف، أحدهما: أن يراد المكان

<<  <  ج: ص:  >  >>