للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلة: المتكأ والمجلس، وهما لا يجعلان ظرفا، وإنما نصب بعضهم: مرأى ومسمعا لأنهم لما أدخلوا على بمرأى علم أنهم جعلوه غير زيد، فإذا نزعوا الباء فهي أيضا غيره فنصبوه كما نصبوا الظرف الذي هو للاسم

الأول، ومن رفعه فإنما يجعله الاسم الأول، فيجازى به.

وأما قوله: (وزعم يونس أن من العرب من يقول: هو مني مزجر الكلب). وذكر الفصل، وأنشد:

وأنت مكانك من وائل ... مكان القراد من است الجمل (١)

وقوله: (وتقول: داري خلف داره فرسخا)، فإنه يريد أنك تنصب فرسخا على التمييز لأنه أريد به التقدير، فصار كقولك: ما في السماء قدر راحة سحابا لأنه لما قال:

داري خلف دارك أبهم فلم يدر ما قدر، فقال: فرسخا وذراعا وميلا.

وقوله: (كان هذا الكلام شيء منون)، يعني: خلف دارك، وهو بمنزلة عشرين، كأنه قال: داري عشرون ذراعا، وقوله: (كأنه منون يعمل فيما ليس من اسمه، ولا هو هو).

فإنه يعني بالمنوّن: عشرين عمل في الدرهم، وليس الدرهم هو العشرين ولا هو من اسم العشرين، لأن العشرين ليست مضافة إليه، وما هو من اسمه فهو مضاف إليه وذلك قولك: زيد أفضلهم رجلا.

وقوله: (وإن شئت قلت: داري خلف دارك فرسخان). وذكر الفصل.

فإنه يريد أنك تجعل فرسخين خبرا وتلغي الظرف، كما تخبر عن زيد ب (قائم) وتلغي فيها فتقول: زيد قائم فيها، وإن دخلت (من) فأبو عمرو يرفع، ويجعل من خلف دارك كقولك: من إذا قلت: يقدمني، وغيره يجعل من مع خلف بمنزلة خلف فينصب ويرفع كما تقول: داري خلف دارك فرسخان وفرسخين لأنك تقول: أنت من خلفي، ومعناه: أنت خلفي لا فرق بينهما.

وقوله: (وتقول: أنت مني فرسخين)، أي أنت مني ما دمنا سائرين فرسخين، يجعل أنت مبتدأ، ومني خبره، وفرسخين ظرف، ومعنى مني أي من أصحابي وأشياعي


(١) البيت للأخطل: ديوانه/ ٣٣٥، الخزانة ١/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>