للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر في التثنية:

ألفينا عيناك عند القفا ... أولى فأولى لك ذا واقيه (١)

وهذا قليل في الكلام غير مختار.

فإن قال قائل: لم صار إثبات علامة المؤنث لازما في بعض المؤنث، وفي بعض إثباتها أكثر من تركها، وإن لم يكن لازما، وإثبات علامة التثنية والجمع قليل غير مختار، وما الفصل بين ذلك؟

ففي ذلك غير جواب، فأحد الأجوبة: أن التأنيث لازم للاسم لا يفارقه، والتثنية والجمع قد تفارق، لأن المثنى والمجموع إذا أفرد كل واحد منهما زالت التثنية والجمع.

والجواب الثاني: أن المذكر والمؤنث هما جنسان متباينان، ليس أحدهما بعضا للآخر والواحد والتثنية والجمع بمنزلة شيء واحد إذ كان ترك التثنية والجمع من الواحد، فلم يجعل بين فعلهم إذا قدّم فصل، كما لا فصل بين الثلاثة والأربعة.

ومنزلة الواحد من الاثنين في الزيادة، كمنزلة الثلاثة من الأربعة.

والجواب الثالث: أن علامة التثنية والجمع كضمير التثنية والجمع، فلو قدمناه لم يعلم أهو علامة أم ضمير شيء تقدم ذكره؟ فتجنبوا أن يقولوا: قاما أخواك، وقاموا أخوتك، فتكون الألف في قاما أخواك، وقاموا أخوتك، فتكون الألف في قاما أخواك كالألف في أخواك، فأما الواو في قاموا أخوتك، كالواو في أخوتك قاموا.

واعلم أن الاسم الجاري على الفعل يعمل في الاسم كعمل الفعل، ويجري على ما قبله صفة أو حالا أو خبرا، فإذا

تقدم على ما يرفعه، كان الاختيار التوحيد كالفعل ومن يثني الفعل إذا تقدم على ما يرفعه ويجمع، ثنى اسم الفاعل وجمع، وما كان علامة التأنيث فيه لازمة من فعل المؤنث إذا تقدم، فعلامة التأنيث لازمة لاسم الفاعل منه، والأصل في اسم الفاعل الذي يعمل عمل الفعل أن يكون مما يجمع جمع السلامة، وذلك أن الفعل هو العامل في الأصل، واسم الفاعل محمول عليه.

وقد ذكرنا أن الفعل موحّد ويتصل به ضمير الفاعلين، فيصير في لفظ شيء مجموع جمع السلامة، كقولك: زيد قام، والزيدون قاموا، فلفظ قام لم يتغير واتصل به علامة


(١) البيت لعمرو بن ملفظ. الخزانة ٣/ ٦٣٣، أمالي ابن الشجري ١/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>