للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (واعلم أنه لا يجوز أن تصف المعرفة والنكرة، كما لا يجوز وصف المختلفين، وذلك قولك: هذه ناقة

وفصيلها الراتعان، فهذا محال لأن الراتعين لا يكونان صفة للفصيل ولا للناقة، ولا تستطيع أن تجعل بعضها معرفة وبعضها نكرة، وهذا قول الخليل.

وزعم الخليل أن الجرين والرفعين إذا اختلفا فهما بمنزلة الجر والرفع وذلك قولك: هذا رجل، وفي الدار آخر كريمين، لأنهما لم يرتفعا من وجه آخر وقبّحه بقوله:

هذا لابن إنسانين عندنا كراما، فقال الجر هاهنا مختلف ولم يشرك الآخر فيما جرّ الأول، ومثل ذلك: هذه جارية أخوي ابنين لفلان كراما، لأن أخوي ابنين اسم واحد، والمضاف إليه الآخر منتهاه، ولم يشرك الآخر بشيء من حروف الإشراك فيما جر الاسم الأول، ومثل ذلك: هذا فرس أخو ابنيك العقلاء الحكماء، لأن هذا في المعرفة مثل ذاك النكرة، فلا يكون الكرام والعقلاء صفة للأخوين والابنين، ولا يجوز أن يجرى وصفا لما انجرّ من وجهين، كما لم يجز فيما اختلف إعرابه.

ومما لا تجري الصفة عليه: هذان أخواك، وقد تولى أبواك الرجال الصالحون، إلا أن ترفعه على الابتداء وتنصبه على المدح والتعظيم).

قال أبو سعيد: اختلاف الرفعين والجرين منع من جمع الصفتين، لأن الصفة تتبع الموصوف في الإعراب، فيكون الإعراب الحاصل في الموصوف وفي الصفة متعلقا بالعامل الذي عمل في الموصوف، فلو جمع الصفتان بلفظ واحد فجعلتا للمرفوعين المتقدمين أو المجرورين، صار لفظ الصفتين وهو واحد معلقا برافعين أو جارّين، فلذلك لم يصلح: هذا رجل في الدار آخر كريمان، لأن الرجل رفع بخبر الابتداء، وآخر مرفوع بالابتداء، وهما عاملان مختلفان لا يحمل كريمان عليهما، ورفع كريمين على الابتداء فهما عاملان مختلفان لا يحمل كريمان عليهما، وكذلك تقول: هذا لابن إنسانين عندنا كراما، على المدح ولم تقل: كرام على الصفة، لأن ابن مجرور باللام، وإنسانين مجروران بإضافة ابن إليهما، فهذان عاملان مختلفان، لا يصلح حمل كرام عليهما، وهو لفظ واحد، وكذلك: هذا فرس أخوي ابنيك العقلاء، لو خفضنا العقلاء وجعلناها صفة للأخوين والابنين كان فاسدا، لأن ابنيك من تمام الأخوين، وليس أخواك من تمام أنفسهما، والصفة داخلة فيما دخل فيه الموصوف، فيكون العقلاء من تمام الأخوين من حيث كان صفة للابنين وغير تمام

<<  <  ج: ص:  >  >>