للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مررت به وزيد إذا كان جواب من هو؟ فقال: العاقل اللبيب، وإن شاء نصبه على الاسم الأول المنصوب. وقد قرأ الناس هذه الآية على وجهين: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١) (علام الغيوب) ".

قال أبو سعيد: رفع العاقل اللبيب على البدل من الضمير في منطلق، وعلى إضمار هو، ويجوز ذلك في (ليت ولعل وكأن) على الوجهين؛ كقولك: ليت زيدا منطلق العاقل اللبيب. وأما الآية فيجوز فيها الرفع من هذين الوجهين.

وقال بعض النحويين يجوز الرفع فيها بالنعت ل (ربي) على موضع (إنّ) من الابتداء، كأنه قال: ربي علام الغيوب يقذف بالحق. والنصب على وجهين؛ على النعت ل (ربي) وعلى المدح بإضمار اذكر ونحوه.

[هذا باب ينتصب فيه الخبر بعد الحروف الخمسة]

انتصابه إذا كان ما قبله مبنيّا على الابتداء؛ لأن المعنى واحد في أنه حال وأن ما قبله قد عمل فيه ومنعه الاسم الذي قبله أن يكون محمولا على (إنّ) وذلك قولك إن هذا عبد الله منطلقا. وقال تعالى: إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً (٢) وقد قرأها بعض الناس: أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً حمل أمتكم على هذه؛ كأنه قال إن هذه كلها أمة واحدة، وتقول إنّ هذا الرجل منطلق، ويجوز في المنطلق ما جاز فيه حين قلت هذا الرجل منطلق، إلا أن الرجل هنا يكون خبرا للمنصوب وصفة له، وهو في تلك الحال يكون صفة لمبتدإ وخبرا له، وكذلك إذا قلت ليت هذا زيد خارجا، ولعل هذا زيد ذاهبا، وكأن هذا بشر منطلقا، إلّا أنّ معنى (إنّ ولكن) واجبتان كمعنى هذا عبد الله منطلقا، وأنت في (ليت) تتمناه في الحال، وفي (كأن) تشبهه إنسانا في حال ذهابه، كما تمنيته إنسانا في حال قيامه، فإذا قلت لعل فأنت ترجوه أو تخافه في حال ذهاب، فلعل وأخواتها قد عملن فيما بعدهن عملين: الرفع والنصب، كما أنك حين قلت ليس هذا عمرا وكان هذا بشرا، عملتا عملين؛ رفعتا ونصبتا، كما قلت ضرب هذا زيدا، فزيد انتصب بضرب، وهذا ارتفع بضرب، ثم قلت: أليس هذا زيدا منطلقا فانتصب المنطلق؛ لأنه حال وقع فيه الأمر فانتصب كما انتصب في (إنّ) وصار بمنزلة


(١) سورة سبأ، الآية ٤٨.
(٢) سورة الأنبياء، من الآية ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>