للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخوك صار قائما في صلة الذي ولم يجز أن تفصل بين الصلة والموصول ب (أخوك) وهو خبر، وإن جعلت أخوك في معنى المؤاخاة والمصادقة وجعلته هو العامل في قائما جاز، وإن حملته على مثل قولك أنا زيد منطلقا في حاجتك، إذا كان قد عهده قائما قبل هذه الحال جاز كما يجوز مثله في الابتداء، وربما جاء في الشعر بما يظهر في لفظه الفصل بين الصلة فيحمله النحويون على غير الفصل، وقد يتخرج على غير الذي قالوه، فمن ذلك قول الأخطل:

إنّ العرارة والنبوح لدارم ... والمستخفّ أخوهم الأثقالا (١)

على نصب المستخف باسم إنّ وعلى رفعه بالابتداء والاستئناف، فأسهل وجوهه في المعنى أن يكون المستخفّ بمعنى الذي استخف، والأثقال مفعول المستخف، وأخوهم خبره، وفي المستخف ضمير فاعل يعود إلى الألف واللام فيه، وهم في (أخوهم) تعود إلى دارم؛ لأنهم قبيلة، فجعلوا الأثقال خارجا عن الصلة ومنصوبا بفعل مضمر بعد (أخوهم)، كأنه قال: والمستخف أخوهم، ثم أضمر يستخف، وقال بعض النحويين في المستخف ضمير يجعل أخوهم بدلا منه، وكلّ قدر الألف واللام بتقدير الذي، وأخوهم واحد، وأسهل من ذلك عندي أن نجعل الألف واللام في المستخف بتقدير الذين، وهم في أخوهم تعود إلى الألف واللّام، وأخوهم فاعل المستخف والأثقال مفعول به، والمعنى:

وإنّ لدارم القوم الذين يستخف بعضهم الأثقال؛ أي فيهم قبيلة بعضها الأثقال، ومنه قول الكميت:

كذلك تلك وكالناظرات ... صواحبها ما يرى المسحل (٢)

شبه ناقته بعير آتن، وشبه صواحب ناقته من الإبل بآتن العير، وتقديره كذلك العير ناقته، وهي المشار إليها بتلك، وصواحبها كالناظرات ما يرى المسحل، وما يرى المسحل مفعول الناظرات، وصواحبها مبتدأ، وفصل بين الناظرات وما عملت فيه بصواحبها، ومعنى الناظرات المنتظرات ما يعمل المسحل وهو العير، فيعملن مثله بجعل الموصول قد تم بالناظرات وبجعل ما يرى المسحل خارجا من الصلة، محمولا على فعل دل عليه ما تقدم، و (ما يرى) ليس بمنصوب بالناظرات، ولكنه كأنه قال: وصواحبها كالناظرات، ثم أضمر ينظرن لدلالة الناظرات عليه.


(١) ديوانه ٥١، واللسان (عرر)، وتاج العروس (نبح).
(٢) البيت في ديوانه ٢/ ٣٥، والخصائص ٢/ ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>