للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (الكتاب): " واعلم أن النكرة أخف عليهم من المعرفة، وهي أشد تمكنا لأن النكرة أول، ثم يدخل عليها ما تعرف به، فمن ثم أكثر الكلام ينصرف في النكرة.

واعلم أن الواحد أشد تمكنا من الجمع، لأن الواحد الأول، ومن ثم لم يصرفوا ما جاء من الجمع على مثال، ليس يكون الواحد نحو مساجد ومفاتيح.

وأعلم أن المذكر أخف عليهم من المؤنث، لأن المذكر أول، وهو أشد تمكنا، وإنما يخرج التأنيث من التذكير، ألا ترى أن (الشيء) يقع على كل ما أخبر عنه من قبل أن يعلم، أذكر هو أو أنثى، والشيء مذكر (١).

وجاء في (شرح الرضي على الكافية): وأما فرعية هذه العلل فإن العدل فرع إبقاء الإسم على حاله، والوصف فرع الموصوف، والتأنيث فرع التذكير، والتعريف فرع التنكير إذ كل ما نعرفه كان مجهولا في الأصل عندنا، والعجمة في كلام العرب فرع العربية، إذ الأصل في كل كلام أن لا يخالطه لسان آخر، فيكون العربية إذن في كل العجم فرعا، والجمع فرع الواحد، والتركيب فرع الإفراد، والإلف والنون فرع الفي التأنيث. . ووزن الفعل في الإسم فرع ووزن الاسم إذا كان خاصا بالفعل، أو أوله زيادة كزيادة الفعل، لأن أصل كل نوع لا يكون فيه الوزن المختص بنوع غيره (٢).

كما أن تعليلات النحاة تشير إلى أن ما يكثر في الكلام يكون منصرفا، وما لا يكثر يكون غير منصرف، لأنه أشبه الفعل في هذه الناحية، والأسماء غير المنصرفة بالقياس إلى المنصرفة قليلة.

فمدار كل ذلك على الخفة والثقل الذي مداره على الكثرة والقلة، فالمعارف أقل من النكرات، لأن النكرات أصل ثم يدخلها التعريف بأل وغيرها، ثم إن الممنوع من الصرف يتعلق بالعلم، ولا مدخل له مع غيره من المعارف، فإن الضمائر وأسماء


(١) كتاب سيبويه ١/ ٦ - ٧
(٢) شرح الرضي ١/ ٣٩ - ٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>