للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتفخيم، والتعظيم، ما يقوم مقام قوله (طويل) أو نحو ذلك. وأنت تحسن هذا من نفسك إذا تأملته وذلك أن تكون في مدح إنسان والثناء عليه فتقول: كان والله رجلا، فتزيد في قوة اللفظ بـ " الله " هذه الكلمة، وتتمكن في تمطيط اللام، وإطالة الصوت بها وعليها، أي رجلا فاضلا، أو شجاعا أو كريما ونحو ذلك.

وكذلك تقول: سألناه فوجدناه إنسانًا، وتمكن الصوت بـ " إنسان " وتفخمه فتستغني بذلك عن وصفه بقوله: إنسانا سمحا، أو جوادا ونحو ذلك. وكذلك إن ذممته ووصفته بالضيق قلت: سألناه وكان إنسانا وتزوي وجهك وتقطبه فيغني ذلك عن قولك: إنسانا لئيما، أو لحزا أو مبخلا أو نحو ذلك" (١).

"وقد برهنت التجارب الحديثة على أن الإنسان حين ينطق بلغته، لا يتبع درجة صوتية واحدة في النطق بجميع الأصوات. ومن اللغات ما يجعل لاختلاف درجة الصوت أهمية كبيرة، إذ تختلف فيها معاني الكلمات تبعا لاختلاف درجة الصوت حين النطق بها. ومن أشهر هذه اللغات اللغة الصينية إذ قد تؤدي فيها الكلمة الواحدة عدة معنا، ويتوقف كل معنى من هذه المعاني على درجة الصوت حين النطق بالكلمة. ففي اللغة الصينية كلمة (فان) مثلا تؤدي ستة معان لا علاقة بينها هي (نوم، يحرق، شجاع، واجب، نعم، مسحوق) وليس هناك من فرق سوى النغمة الموسيقية في كل حالة" (٢).

٥ - التطور التاريخي للدلالة: فدلالات التعبير الواحد قد تتغير والمعاني قد تتحول وربما كان من الصعوبة معرفة الأصل للدلالة وذلك نحو قولهم " رفع عقيرته"، بمعنى صاح، إذ ليس هناك من علاقة لغوية بين " رفع عقيرته" و " صاح" " فلو ذهبت تشتق هذا بأن تجمع معنى الصوت وبين معنى" ع ق ر " لبعد عنك وتعسفت. وأصله أن رجلا قطعت إحدى رجليه فرفعها ووضعها على الأخرى ثم صرخ بأرفع صوته فقال الناس: رفع عقيرته" (٣).


(١) الخصائص: (٣/ ٣٧٠ - ٣٧١)
(٢) الأصوات اللغوية، لإبراهيم أنيس: (١٠٣)
(٣) الخصائص: (١/ ١٦٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>