للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأنت ترى في هذا ونحوه أنه لا يصح إسقاط الفاء منه وجزمه، لأنه لا يصح تقدير الشرط إذا حذفت.

وكذلك النفي، فإنه لا يصح اسقاط الفاء فيه والجزم (١).، لأنه لا يحتمل جعله أسلوبا شرطيا، فلا يصح في نحو (ما تأتينا فتحدثنا) (ما تأتينا تحدثنا) ولا في نحو قوله تعالى: {لا يقضي عليهم فيموتوا} [فاطر: ٣٦]، (لا يقضي عليهم يموتوا) لأن المعنى لا يصح، إذ لا يصح (أن لا يقض عليهم يموتوا).

وبذلك يتضح الفرق بين ذكر الفاء واسقاطها، فالفاء إنما هي لمجرد بيان السبب، وأما إسقاطها فعلى إرادة الشرط والجزاء.

هذا من ناحية، ون ناحية أخرى يكون الفرق بينهما في المعنى من غير هذا السبيل وذلك نحو قوله تعالى: {ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا} [غافر: ٣٦ - ٣٧]، فأنت ترى أنه لا يحسن اسقاط الفاء من (فأطلع) والقول (لعلي أبلغ الأسباب أطلع) لأن المعنى سيختلف، وذلك أن الترجي في الاية مستمر إلى ما بعد الفاء، والمعنى لعلي اطلع، بخلاف ما لو جزمت وقلت (أطلع) لأن المعنى سيكون (إن بلغت الأسباب أطلعت إلى إله موسى) وهذا غير مراد ولا يصح لأن فرعون ينكر أن يكون لموسى إله غيره، قال: {ما علمت لكم من إله غيري} [القصص: ٣٨]، فأنت ترى أن الجزم يختلف عن النصب بالفاء.

ونحوه قوله تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا} [الأنعام: ١٤٨]، فأنت ترى أنه لا يحسن إسقاط الفاء والقول (تخرجوه لنا) لأن المعنى سيتغير، وذلك أن الاستفهام مستمر إلى ما بعد الفاء، بخلاف ما لو جزمت فإن الاستفهام سينقطع قبلها، ويصبح أسلوبا شرطيا، فيكون (إن كان عندكم علم تخرجوه لنا) وهو مخالف للمقصود، وكذلك قوله تعالى: {لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم} [البقرة: ١٦٧]، فإن التمني مستمر


(١) انظر المفصل ٢/ ١٤٦، الأشموني ٣/ ٣٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>