للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: و (سوف) أكثر تنفيسا من السين: فإن لفظها أكثر فهو يؤذن بالبعد.

جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وسوف أكثر تنفيسا من السين .. وقيل أن السين منقوص من سوف دلالة بتقليل الحرف على تقريب الفعل (١).

وقال ابن أياز في (شرح الفصول) أن التراخي في سوف أشد منه في السين، بدليل استقراء كلامهم، قال تعالى: {وسوف تسئلون} [الزخرف: ٤٤]، وطال الأمد والزمان، وقال تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ماولاهم} [البقرة: ١٤٢]، فتعجل القول (٢). وقال: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارًا} [النساء: ٥٦].

قال: {وسف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون} [المائد: ٥٤]، وقال: {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم} [النساء: ٩١]، وقال: {سنراود عنه أباه} [يوسف: ٦١]، وقال: {سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} [الكهف: ٧٨]. فاستعمل (سوف) للبعيد، والسين للقريب.

ومما يدل على ذلك قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام لابنائه: {قال سوف استغفر لكم ربي} [يوسف: ٩٨]، وقوله على لسان إبراهيم عليه السلام لأبيه: {سأستغفر لك ربي إنه كان بي} [مريم: ٤٧]، فجاء بوعد يعقوب بسوف، ووعد إبراهيم بالسين، لأن وعد يعقوب أطول من وعد إبراهيم، وذلك لما فعلوه به وبأخيهم يوسف، فهو وعدهم بالاستغفار في المستقبل حين طلبوا ذلك منه، قال تعالى: {قالوا ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم} [يوسف: ٩٧ - ٩٨]، بخلاف آية إبراهيم فإنه دعاه أباه إلى الإسلام، فلم يستجيب وفي نهاية الحديث قال له: {سلام عليك سأستغفر لك ربي} [مريم: ٤٧]، فجاء بالسين الدالة على القرب، يدل على ذلك بدؤه بقوله: {سلام عليك} فالفرق واضح.


(١) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٤٨، وانظر الكليات ٢٠٤
(٢) الأشباه والنظائر ٢/ ٢٧٤

<<  <  ج: ص:  >  >>