للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن يعيش: " والغرض منها الإيجاز والاختصار ونوع من المبالغة .. ووجه الاختصار فيها، مجيئها للواحد والواحدة، والتثنية، والجمع، بلفظ واحد وصورة واحدة، ألا ترى أنك تقول في الأمر للواحد: صه يا زيد، صه يا زيدان، وفي الجماعة صه يا زيدون، وفي الواحدة: صه يا هند وصه يا هندان وصه يا هندات. ولو جئت بمسمى هذه اللفظة وهو اسكت، واسكتا للاثنين، واسكتوا للجماعة، واسكتي للواحدة المخاطبة، واسكتن لجماعة المؤنث، فتركهم اظهار علامة التأنيث والتثنية والجمع .. دليل على ما قلناه من قصد الإيجاز والاختصار.

وأما المبالغة فإن قولنا (صه) أبلغ في المعنى من اسكت وكذلك البواقي (١).

وجاء في (شرح الرضي على الكافية): ومعاني أسماء الأفعال، أمرًا كانت أو غيره أبلغ وآكد من معاني الأفعال التي يقال أن هذه الأسماء بمعناها.

أما ما كان مصدرًا في الأصل، والأصوات الصائرة مصادر ثم أسماء الأفعال فلما تبين في المفعول المطلق فيما وجب حذف فعله قياسا.

وأما الظروف والجار والمجرور، فلأن نحو أمامك، ودونك زيدًا بنصب (زيدًا) كان في الأصل: أمامك زيد ودونك زيد فخذه فقد أمكنك، فاختصر هذا الكلام الطويل لغرض حصول الفراغ منه بالسرعة، ليبادر المأور إلى الإمتثال قبل أن يتباعد عنه.

وكذا كان أصل (عليك زيدا) وجب عليك أخذ زيد، و (إليك عني) أي ضم رحلك وثقلك إليك واذهب عني، و (وراءك) أي تأخر وراءك، فجرى في كلها الاختصار لغرض التأكيد.

وكل ما هو بمعنى الخبر ففيه معنى التعجب، فمعنى هيهات أي ما أبعده، وشتان أي ما أشد الافتراق، وسرعان ووشكان أي: ما أسرعه، وبطآن أي ما أبطأه، والتعجب هو التأكيد المذكور (٢).


(١) شرح ابن يعيش ٤/ ٢٥
(٢) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٧٦ - ٨٢ - ٨٣، وانظر الصحاح للجوهري ١/ ٣٦ - ٣٧ بطآن

<<  <  ج: ص:  >  >>