للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذهب أبو الفتح إلى أنها زائدة، في نحو (وربك فكبر) ونحوه أن يقال: زيدًا فاضرب وعمرًا فاشكر (١).

والفاء لا تزال تستعمل عندنا في لغتنا الدارجة في العراق لتوكيد الكلام، تقول: (والله ما أروح) فإذا أكدناه قلنا (والله فلا أروح).

وإذا كانت تستعمل في الفعل الماضي، للدلالة على تأكيد وقوع الفعل، فما المانع من أن تكون كذلك في المضارع؟

ويدلك على ذلك الاستعمال القرآني، فقد جاءت الفاء في المواطن التي فيها زيادة في التوكيد، قال تعالى: {إذا جاء أجلهم فلا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون} [يونس: ٤٩]. وقال: {فإذا جاء أجلهم لا يستخرون ساعة ولا يستقدمون} [النحل: ٦١]، وقال في سورة الأعراف أيضا: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف: ٣٤].

فأنت ترى أنه أتى بالفاء في آية يونس، ولم يأت بها في الآيتين الأخريين، وسبب ذلك - والله أعلم - إن الموطن في سورة يونس آكد، يدل على ذلك سياق الآيات:

قال تعالى في سورة يونس قبل هذه الآية: {ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرًا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون} [يونس: ٤٧ - ٤٩].

وقال في سورة الأعراف: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ولكل أمة أجل، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف: ٣٣ - ٣٤].


(١) انظر التفسير الكبير ٣٠/ ١٩١، في قوله تعالى: {وربك فكبر}.

<<  <  ج: ص:  >  >>