للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الراجز:

لو قد حداهن أو الجودي

يرجز مستحنفر الروي

مستويات كنوي البرني

لم يأت بخبر لعلم المخاطب، ومثل هذا الكلام كثير، ولا يجوز الحذف حتى يكون المحذوف معلومًا بما يدل عليه من متقدم خبر أو مشاهدة حال (١).

الثاني: للدلالة على التفخيم والتعظيم.

جاء في (البرهان): " قالوا: وحذف الجواب يقع في مواقع التفخيم والتعظيم، ويجوز حذفه لعلم المخاطب به وإنما، يحذف لقصد المبالغة السامع مع أقصى تخيله، يذهب منه الذهن كل مذهب، ولو صرح بالجواب لوقف الذهن عند المصرح به، فلا يكون له ذلك الوقع، ومن ثم لا يحسن تقدير الجواب مخصوصا، إلا بعد العلم بالسياق (٢).

وجاء في (الإيضاح) للقزويني: " أن يحذف للدلالة على أنه شيء لا يحيط به الوصف أو لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن، فلا يتصور مطلوبا، أو مكروها، إلا يجوز أن يكون الأمر أعظم منه، ولو عين شيء اقتصر عليه، وربما خف امره، كقوله: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فاخلوها خالدين} [الزمر: ٧٣]، وكقوله: {ولو ترى إذ وقفوا على النار} [الأنعام: ٢٧]، {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} [الأنعام: ٣٠]، {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم} [السجدة: ١٢] (٣).

وقال ابن يعيش: " وقال أصحابنا إن حذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، ألا ترى أنك إذا قلت لعبدك: (والله لئن قمت إليك) وسكت عن الجواب


(١) المقتضب ٢/ ٨١، وانظر كتاب سيبويه ١/ ٤٥٣
(٢) البرهان ٣/ ١٨٣
(٣) الإيضاح ١/ ١٨٧ - ١٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>