للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفتحة لهم الأبواب} [ص: ٥٠]، وحذف الجواب، لأن الكلام يضيق عن وصف الكرامة التي أعدتلهم.

جاء في (الكشاف): في هذه الأية: " وإنما حذف [يعني الجزاء] لأنه في صفة ثواب أهل الجنة، فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف .. وقيل أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها، وأما أبواب الجنة فمتقدم فتحها، بدليل قوله: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} فلذلك جيء بالواو، وكأنه قيل حتى إذا جاؤها، وقد فتحت أبوابها (١).

وجاء في (البرهان): في هذه الآية أن أبا علي قال: " إنما تركت الواو في النار لأنها مغلقة، وكان مجيئهم شرطًا في فتحها، فقوله (فتحت) فيه معنى الشرط، وإما قوله (وفتحت) في الجنة فهذه واو الحال، كأنه قال: جاؤها وهي مفتحة الأبواب أو هذه حالها.

وهذا الذي قاله أبو علي هو الصواب ويشهد له أمران:

أحدهما: إن العادة مطردة شاهدة في إهانة المعذبين بالسجون، من إغلاقها حتى يردوا عليها، وإكرام المنعمين بإعداد فتح الأبواب لهم مبادرة واهتماماً.

والثاني: النظير في قوله: {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} (٢).

ومن الحذف للدلالة على التهويل والتعظيم، قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار} [الأنعام: ٢٧]، وقوله: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم} [الأنعام: ٣]، ويقولون: لو رأيت فلانا والسياط تأخذ منه، قالوا: وهذا الحذف أفخم وأعظم، لأن على هذا التقدير يذهب خاطر المخاطب إلى كل ضرب من الوعيد، فيكون الخوف على هذا التقدير أشد مما إذا كان عين له ذلك الوعيد (٣).


(١) الكشاف ٣/ ٤١، وانظر التفسير الكبير ٢٧/ ٢٣
(٢) البرهان ٣/ ١٨٩ - ١٩٠، وانظر بدائع الفوائد ٢/ ١٧٤ - ١٧٥
(٣) التفسير الكبير للرازي ٤/ ٢٣٥ - ٢٣٦، وانظر الكشاف ١/ ٢٤٩، قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب}.

<<  <  ج: ص:  >  >>