للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويبدو أن الرأي الثاني أرجح، إذ أن هناك نظيرا لهذا الاستعمال في اللغات السامية الأخرى فبعضها يستعمل (الرأس) بمعنى الشخص، جاء في (التطور النحوي) " وتقارب النفس في العربية العين، وهي تضاف أكثر مما تبدل نحو (عين الأمر) وقد تؤخر مع الحاق الباء نحو (الأمر بعينه)، وهي في هذا المعنى خاصة بالعربية.

ويوجد في سائر اللغات السامية أسماء أخر مرادفة لها، نحو (الرأس) أو gnoma في السريانية ومعناها (الشخص) (١).

ولا تزال في لغتنا الدارجة نستعمل الرأس للتوكيد، فتقول (رأيته برأسه) أو (حتى يأتيني هو برأسه) أي بنفسه.

وتختص (النفس) و (العين) بجواز جرهما بالباء الزائدة، زيادة في التوكيد، نحو (أقبل الأمير بنفسه) و (أقبلت هند بعينها) ولا يجوز ذلك في غيرهما من ألفاظ التوكيد (٢).

ويبدو أن هذه الباء ليست زائدة، بمعنى أن حذفها وذكرها سيان، فليس قولنا (أقبل أخوك بنفسه) مثل (أقبل أخوك نفسه) وإنما تفيد الباء أن المؤكد فعل ذلك، وما كان متوقعًا منه أن يفعل، أو بعارة أخرى أنها يؤتى بها للاهتمام الزائد، فقولك (أقبل أخوك بنفسه) معناه أقبل وما كان متوقعًا أن يقبل، أما لأن أخاك بمنزلة عالية لا تناسب مجيئه أو لغير ذلك.

ولا نزال نحن نستعمل هذه الباء، فنقول (ذهبت إليه بنفسي فلم يفعل) بمعنى أن هذا أقصى ما أستطيع أن أفعله، وتقول (كلمته أنا بنفسي فرد كلامي).

ومثله ما تقوله العامة (ذهب إليه برجلي) وهو كناية عن الاهتمام الكثير بالشيء.

٢ - والغرض الثاني هو رفع الاحتمال عدم إرادة الشمول، وذلك نحو أن تقول،


(١) التطور النحوي ٩٨ - ٩٩
(٢) انظر شرح عمدة الحافظ ٥٦١، الهمع ٢/ ١٢٢، شرح الأشموني ٣/ ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>