للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن بعض .. وهذا بخلاف قوله تعالى: {كل من عليها فان} [الرحمن: ٢٦]، أفرد لما لم يجتمعوا في الفناء ..

ومما جاء مجموعًا لإجتماع الخبر، قوله تعالى: {وكل في فلك يسبحون} [يس: ٤٠]، وما أفرد لعدم اجتماع الخبر، قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} [ص: ١٢ - ١٤]، فأفرد، لما لم يجتمعوا في التكذيب (١).

وذكروا مسألة أخرى في (كل) وهي أنها إذا وقعت في حيز النفي، أفادت ثبوت الفعل لبعض الأفراد، وإذا لم تقع في حيزه أقتضي النفي عن كل فرد، فإذا قلت (لم يجيء كل الطلاب) كان معناه أنه جاء قسم منهم، وإذا قلت (كل الطلاب لم يجيء) كان المعنى أنه لم يأت منهم أحد.

قيل: وقد يخرج عن هذا نحو قوله تعالى: {والله لا يحب كل كفار أثيم} [البقرة: ٢٧٦]، وأجيب عن ذلك، بأن ذلك حاصل إذا لم يدل دليل على خلافه، فإن دل دليل كان بحسبه. جاء في (المغنى): " قال البيانيون: إذا وقعت (كل) في حيز النفي كان النفي موجهًا إلى الشمول خاصة، وأفاد بمفهومه ثبوت الفعل لبعض الأفراد، كقولك (ما جاء كل القوم) و (لم آخذ كل الدراهم) وكل الدراهم لم آخذ، وقوله:

ما كل رأي الفتي يدعو إلى رشد

وقوله:

ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

وإن وقع النفي في حيزها، أقتضى السلب عن كل فرد، كقوله عليه الصلاة والسلام لما قال ذو اليدين: أنسيت أم قصرت الصلاة؟ كل ذلك لم يكن.


(١) بدائع الفوائد ٢/ ٢١٤ - ٢١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>