للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد أن كان معربًا، وتأثير المعنى اخلاص الفعل للاستقبال، بعد أن كان يصلح لهما (١). "إذ لو قلت (إن زيدا لقوم) جاز أن يكون للحال والاستقبال، بمنزلة مالا لام فيه، فإذا قلت (إن زيدًا ليقومن)، كان هذا جواب قسم والمراد الاستقبال لا غير" (٢).

وهذه النون كثيرا ما تدخل على الشرط المسبوق بـ (ما) الزائدة، ولا سيما شرط (إنْ) نحو قوله تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء} [الأنفال: ٥٨]، وقوله: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} [الإسراء: ٢٨]، وذلك لأن (ما) للتوكيد فجيء بالنون التي هي للتأكيد أيضا ولذلك قالوا أن دخولها هنا قريب من الواجب (٣). ولم ترد في القرآن الكريم إلا مؤكدة.

قال سيبويه: ومن مواضعها حروف الجزاء إذا وقعت بينها وبين الفعل (ما) للتوكيد وذلك لأنهم شبهوا (ما) باللام التي في (لتفعلن) لما وقع التوكيد قبل الفعل، الزموا النون آخره، كما ألزموا هذه اللام وإن شئت لم تقحم النون، كما أنك إن شئت لم تجيء بها، فأما اللام فهي لازمة في اليمين فشبهوا (ما) هذه إذ جاءت توكيدًا قبل الفعل بهذه اللام التي جاءت لأثبات النون فمن ذلك قولهم: إما تأتني آتك" (٤).

فذكر أن (ما) شبيهة بلام القسم في التوكيد.

وتدخل كثيرا أيضا على الطلب، كالأمر والنهي والاستفهام والتمنى، وما إلى ذلك (٥). قال تعالى: {فلا تكونن من الممترين} [البقرة: ١٤٧].

وقال الأعشى:

وهل يمنعني ارتيادي البلا ... دمن حذر الموت أن يأتين


(١) شرح ابن يعيش ٩/ ٣٧، وانظر شرح ابن الناظم ٢٥٢ - ٢٥٣
(٢) شرح ابن يعيش ٩/ ٣٩
(٣) التصريح ٢/ ٢٠٤
(٤) كتاب سيبويه ٢/ ١٥٢
(٥) انظر التصريح ٢/ ٢٠٤، شرح الأشموني ٣/ ٢١٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>