للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح حلول المصدر محلها، نحو: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم} [المنافقون: ٦]، ونحو: (ما أبالي أقمت أم قعدت) (١).

وهمزة التسوية لا يراد بها الاستفهام الحقيقي، بل هي وما بعدها على معنى الخبر، لا الإنشاء، فإنك إذا قلت: (سواء علي أحضرت أم غبت) كان المعنى سواء علي حضورك وغيابك، فهي لا تستحق جوابًا" لأن المعنى معها ليس على الاستفهام، وأن الكلام معها قابل للتصديق والتكذيب لأنه خبر" (٢).

والذي يبدو لي أن ثمة فرقا في المعنى، بين قولنا (سواء علي أحضرت أم غبت) و (سواء علي حضورك وغيابك)، وأنهما لا يتطابقان تماماً، فإن قولك (سواء علي أحضرت أم غبت) معناه أنك لا تهتم بجواب هذا الاستفهام، ولا تعني به، فإن الجواب بأحد الأمرين مستو عندك، ونقيضه بخلاف قولك (سواء علي حضورك وغيابك) فإنك ذكرت الاستواء على سبيل الخبر أيضا.

فما بعد همزة التسوية خبر تأولا لا نصا لأنه تساوي عندك جواب الأمرين، ومن هنا دخل معنى الخبر، وأما الثانية فهي خبر نصا، لأنها أخبار بتساوي الأمرين أنفسهما، ونحوه قولك (لا أبالي أفاز أم خسر) أي أنك لا تبالي بجواب هذا الاستفهام على آية حال كان فلا داعي للإجابة عنه.

ولا يصح وقوع (أو) بعد همزة التسوية، بل لا تقع إلا (أم) (٣). فلا تقول (سواء علي أحضرت أو غبت) بل لابد أن تقول (سواء علي أحضرت أم غبت). قال تعالى: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: ٢١] وذلك لأن المعنى يقتضي (أم) لا (أو)، وذلك أن جواب قولك: (أكتب أو قرأ؟ ) هو: (نعم) أو (لا)، والمعنى أفعل أحدهما؟


(١) المغني ١/ ١٧
(٢) المغني ١/ ٤١
(٣) المغني ١/ ٤٣

<<  <  ج: ص:  >  >>