للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - إن (الذي) تستعمل لذوات غير العقلاء ولصفات العقلاء كما مر، فإذا أردنا لأمر بلاغي أن ننزل غير العاقل منزلة العاقل فلابد أن نضرب صفحًا عن استعمال (الذي) إلى (مَنْ) لأنّ (الذي) إذا استعملت في العاقل وغيره، كان استعمالها حقيقيًا، وكذا إذا أردنا أن ننزل العاقل منزلة غير العاقل استعملنا (ما) لا (الذي).

تقول (مَنْ الذي كنت تكلمه؟ ) فيقول: (مَنْ كنت أكلمه حصاني). وتقول: (مَنْ الذي أنجاك؟ ) فيقول: (مَنْ أنجاني فرسي) فقد نزل حصانه منزلة العاقل باستعمال (مَنْ).

وتقول لصاحبك (أتحدث إلى ما ترى) منزلاً العاقل منزلة غير العاقل، لأنه لا يفهم عنك شيئًا.

ولا يتأتي هذا القصد باستعمال الذي.

٤ - إنَ كلا من (ما) و (مَنْ) قد يحتمل أكثر مِنْ معني فقد تحتمل (مَنْ) الشرط والموصولية والاستفهام. وتحتمل (ما) الشرط والموصولية والاستفهام والنفي في كثير من التعبيرات بخلاف (الذي) التي هي نص في الموصولية.

ومن هذا يتضح أن التعبير بـ (مَنْ) أو (ما) قد يكون محتملا عدة معان في آن واحدٍ بخلاف الذي.

٥ - أن (الذي) اخص من (ما) و (مَنْ) لطبيعة اشتراكهما في أكثر من معنى، ومعنى (أخص) أنها أكثر تحديدًا ووضوحًا من ذينك، فهي على هذا أعرف منهما، لتحديد معناها ووضوحه: جاء في (حاشية الصبان) إن الموصول "أعرفه ما كان مختصًا ثم ما كان مشتركًا. ويظهر إن أعرف كل منهما ما كان معهودًا معينًا، ثم ما للاستغراق، ثم ما للجنس لمجيء الموصول للثلاثة كأل والإضافة" (١).

وكذا استعملها القرآن الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>