للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتعجب في الأولى يكون من سرعة الانطلاق، وفي الثانية من كثرته، والأخرى من قلته، فهو ليس بمعنى واحد.

من هذا يتبين أن ما سبق المصدر من فعل تعجب لا يؤدي المعنى المأخوذ من الفعل على صيغة (أفعل) يدلك على ذلك أنك قد تسبق الفعل القابل لأن يتعجب منه، بما يخصص تعجبك، فيمكنك مثلا أن تصوغ من الفعل (مشى) على وزن أفعل للتعجب فتقول (ما أمشاه) ويمكن أن تسبق المشي أيضا بفعل تعجب يخصص تعجبك من مشيه فتقول: ما أسرع مشيه وما أحسن مشيه وما أبطأ مشيه فيكون المشي متعجبا منه، يدلك على ذلك أيضا أن قولك (ما أعدله) لا يماثل في المعنى (ما أشد عدله)، وما أحسنه لا يماثل (ما أشد حسنه) و (ما أمشاه) لا يماثل: ما أشد مشيه.

ومن هذا يتبين أنه لا يمكن أن تؤدي ايه صيغة ثانية، مؤدى بناء الفعل نفسه للتعجب.

[التعجب من أمر ماض]

يؤتي بـ (كان) بين (ما) و (أفعل) للدلالة على ان الصفة المتعجب منها كانت في الماضي، نحو (ما كان أكرم خالدا) و (ما كان أعلمه بالناس).

جاء في (الكتاب): " وتقول: (ما كان أحسن زيدًا) فتذكر (كان) لتدل أنه فيما مضى (١).

وحكى (ما أصبح أبردها وما أمس أدفأها (٢).) ودخول أصبح وأمسى يفيد تعيين وقت البرد والدفء كما كان دخول (كان) لتعيين الماضي.

[ما أفعلني له، وما أفعلني إليه]

تقول: (ما أبغضني إليه) و (ما أحب خالدًا لبكر) و (ما أحب خالدًا إلى بكر)، فتأتي باللام إذا كان المتعجب منه فاعلا، وتأتي بإلى إذا كان المتعجب منه مفعولا.


(١) كتاب سيبويه ١/ ٣٧
(٢) شرح ابن يعيش ٧/ ١٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>