للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصاغ هذا البناء، من كل فعل توفرت فيه الشروط المذكورة في البناء السابق.

وقد حلل النحاة هذه العبارة كما فعلوا في (ما أفعله) فذهب أكثرهم إلى أن (أفعل) هذا فعل ماضي على صورة الأمر، والباء زائدة في الفاعل، فمعنى قولهم (أكرم بمحمد): أكرم محمد، أي: صار ذا كرم، وكأغد البعير أي: صار ذا غدة وأورقت الشجرة بمعنى صارت ذات ورق، ثم غيرت صيغة الماضي إلى صورة الأمر، فصارت (أكرم محمد) فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر، فزيدت الباء في الفاعل (١). للدلالة على التعجب لأن الباء كثيرا ما تزاد مع المتعجب منه، نحو (كفى بالله شهيدًا)، و (ناهيك بخالد رجلا) وحسبك به شاعرًا.

وذهب الفراء والزمخشري وابن خروف إلى أن أفعل ههنا فعل أمر حقيقة، وأنه أمر لكل واحد، بأن يصفه بالصفة المذكورة، فقولك (أكرم بمحمد) أمر لكل واحد، بأن يصف محمدًا بالكرم، والباء مزيدة في المفهوم، أو هي للتعدية داخلة على المفعول به.

جاء في (المفصل): وعندي أن أسهل منه مأخذا أن يقال إنه أمر لكل أحد، بأن يجعل زيدا كريمًا، أي بأن يصفه بالكرم، والباء مزيدة مثلها في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: ١٩٥]، للتأكيد والاختصاص، أو بأن يصيره ذا كرم والباء للتعدية، هذا أصله ثم جرى مجرى المثل، فلم يغير عن لفظ الواحد في قولك: يا رجلان أكرم بزيد، ويارجال أكرم بزيد (٢).

وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " فقال الفراء وتبعه الزمخشري وابن خروف أن (أحسن) أمر لكل أحد بأن يجعل زيدا حسنا، وإنما يجعله حسنا كذلك، بأن يصفه بالحسن، فكان قيل: صفة بالحسن كيف شئت، فإن فيه كل ما يمكن أن يكون في شخص" (٣).


(١) انظر التصريح ٢/ ٨٨، شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٤٣، المفصل ٢/ ١٦٩ - ١٧٠
(٢) المفصل ٢/ ١٦٩ - ١٧٠
(٣) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٤٤، وانظر التصريح ٢/ ٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>