للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (كتاب سيبويه): " إذا قلت (عبد الله نعم الرجل) فإنما تريد أن تجعله من أمة كلهم صالح، ولم ترد أن تعرف شيئا بعينه بالصلاح بعد نعم (١).

الثاني: أنها للجنس مجازا، وذلك لأنك لم تقصد إلا مدح معين، ولكنك جعلته جميع الجنس مبالغة، فقولك (نعم الرجل خالد) معناه أن خالدًا هو الجنس كله، أي هو المتصف بصفات الرجولة الكاملة، أو اجتمع فيه ما تفرق في غيره من صفات الرجولة.

وقال آخرون: هي للعهد، واختلف هؤلاء على قولين.

الأول: كونها للعهد الذهني، أي تشير بها إلى شيئ معهود في الذهن، كما تقول: (دخلت السوق) فأنت لا تقصد به الجنس، كما لا تقصد به سوقا معينا تقدم ذكره، ونحو قولك (اشتريت اللحم) وكذلك قولك (نعم الرجل خالد) فـ (الرجل) معهود ذهني، ولا يقصد به شخص تقدم ذكره.

والقول الآخر أنها للعهد الشخصي، والمعهود هو الشخص الممدوح أو المذموم، فإذا قلت (نعم الرجل محمد) فكأنك قلت: (نعم هو) (٢).

الذي يبدو أن القول بأن (أل) تفيد الجنس أرجح، وذلك أنك تقول (نعم الفاكهة التفاح) فـ (الفاكهة) جنس عام، و (التفاح) خاص منه.

وتقول: (نعم الأدام الخل)، فالأدام عام (والخل) خاص، و (نعم الشراب الماء) فـ (الشراب) جنس عام، و (الماء) قسم منه، وخصه من بينه بالمدح فـ (أل) ههنا جنسية كما هو واضح.

ومما يدل على أن (أل) للجنس لا للعهد، أنك لا تمدح الشيء بـ (نعم) إذا لم يكن معه فرد من جنسه، فلا تقول مثلا (نعم مؤلف المفصل الزمخشري) ولا (نعم مؤلف لسان العرب ابن منظور) ولا (نعم الخارج من الجنة آدم)، ولا (نعم أبو البشر آدم).


(١) كتاب سيبويه ١/ ٣٠١، وانظر شرح ابن عقيل ٢/ ٤٢
(٢) انظر التصريح ٢/ ٩٥، الهمع ٢/ ٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>