للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقديم والتأخير]

تقول العرب: يجتهد زيد، وزيد يجتهد، وزيد مجتهد، ومجتهد زيد، وزيد في الدار، وفي الدار زيد، فما الغرض من ذلك ومتى نقول هذا التعبير أو ذاك؟ لقد ذكرنا في بحث تأليف الجملة العربية إن الأصل في الجملة التي مسندها فعل أن يتقدم الفعل على المسند إليه نحو (يقوم زيد) فأن تقدم المسند إليه على الفعل نظرنا في سبب هذا التقديم، كما إن الأصل في الجملة التي مسندها اسم أن يتقدم المسند إليه على الاسم أو بتعبير آخر أن يتقدم المبتدأ على الخبر نحو: زيد قائم، فأن تقدم الخبر على المبتدأ نظرنا في سبب ذلك، وهذا الأخير هو ما يعنينا الآن في هذا البحث، فما أسباب تقديم الخبر على المبتدأ:

[١ - تقديم الخبر المفرد على المبتدأ]

الأصل كما ذكرنا قبل قليل أن يتقدم المبتدأ على الخبر (١) نحو (زيد قائم) و (أخوك نائم) و (محمد مسافر) فمتى نقول: قائم زيد ونائم أخوك ومسافر محمدٌ؟

إن تقدم الخبر على المبتدأ في نحو هذا إنما يكون لغرض من أغراض التقديم، وأشهر هذه الأعراض هي:

١ - التخصيص: إذا كان المخاطب خالي الذهن مما ستخبره، قدمت له المبتدأ فتقول: (زيد) و (محمد منطلق) فهذا إخبار أولى لا يعلمه السامع. ولكن إذا كان السامع يظن أن زيدًا قاعد لا قائم، انبغي أن تقدم له الخبر لإزالة الوهم من ذهنه فتقول له: قائم زيد. فجملة (زيد قائم) أخبار أولى ولكن جملة (قائم زيد) تصحيح للوهم الذي في ذهن المخاطب، إذ كان يظن أن زيدا قاعد فتقول له: (قائم زيد) أي لا قاعد.


(١) الرضى على الكافية ١/ ٩٣

<<  <  ج: ص:  >  >>