للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولك: (أقائم زيد) فيحتمل معنيين:

المعنى الأول أن تقصد أنك قدمت الخبر كما مر في قولنا (قائم زيد).

وأصل الكلام: (زيد قائم) فقدمنا الخبر لغرض من أغراض التقديم، كالتخصيص ونحوه وكما مر في قولنا (قائمان الزيدان) و (قائمون الزيدون) وكما قالوا: (تميمي أنا) ونحوها فهو من باب التقديم الذي سبق أن شرحناه.

ويحتمل أن يكون نحو قولنا (أقائم الزيدان) أي ليس من باب تقديم الخبر على المبتدأ وإنما هو تعبير أشبه بالتعبير الفعلي فهو يشبه: قام زيد ويقوم زيد إلا إنه عدل به من الفعلي إلى الاسم للدلالة على الثبوت فإن أريد به هذا القصد وجب عند الجمهور سبقه بنفي أو استفهام، وأن أريد به التقديم لم يشترط ذلك وإنما يصح أن تقول: (قائم زيد). جاء في (كتاب سيبويه): "وزعم الخليل أنه يستقبح أن يقول: (قائم زيد)، وذلك إذا لم تجعل قائمًا مقدمًا مبنيًا على المبتدأ كما تؤخر وتقدم فتقول: ضرب زيدًا عمرو وعمرو على ضرب مرتفع. وكان الحد أن يكون مقدمًا ويكون زيدٌ مؤخرا وكذلك هذا الحد فيه أن يكون الابتداء فيه مقدمًا وهذا عربي جيد وذلك قولك: تميمي أنا ومشموء من يشنؤك ورجل عبد الله وخز صفتك فإذا لم يريدوا هذا المعنى وأرادوا أن يجعلوه فعلا كقوله (يقوم زيد) و (قام زيد) قبح لأنه اسم وإنما حسن عندهم أن يجري مجرى الفعل إذا كان صفة جرى على موصوف أو جرى على اسم قد عمل فيه" (١).

فهو - كما ترى - يقول أن هذا التعبير يحتمل معنيين أن يكون (قائم) مقدمًا مبنيًا على المبتدأ أي خبرًا مقدمًا فيكون هذا عربيًا جيدًا كقولك: تميمي أنا، ومشنوء من يشنؤك ورجل عبد الله.

فإن لم يريدوا هذا وأرادوا أن يجعلوه فعلا كقوله: يقوم زيد وقام زيد قبح إلا بأن يتقدمه نفي أو استفهام أو أي مسوغ آخر.


(١) سيبويه ١/ ٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>