للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضربٌ آخر أنت لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكن يدلك، اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة، ثم تجد لذلك المعنى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض. ومدار هذا الأمر على الكناية والاستعارة والتمثيل أو لا ترى إنك إذا قلت: هو كثير رماد، القدر، أو قلت: طويل النجاد، أو قلت في المرأة: نؤوم الضحى، فإنك في جميع ذلك لا تفيد غرضك الذي تعني من مجرد اللفظ، ولكن يدل اللفظ على معناه الذي يوجبه ظاهره، ثم يعقل السامع من ذلك المعنى، على سبيل الاستدلال، معنى ثانيا، هو غرضك كعرفتك من كثير رماد القدر إنك مضياف ومن طويل النجاد، إنه طويل القامة .. وكذا إذا قال: (رأيت أسدًا) ودلك الحال على إنه لم يرد السبع علمت أنه أراد التشبيه، إلا أنه بالغ فجعل الذي رآه، بحيث لا يتميز عن الأسد في شجاعته ..

وإذا قد عرفت هذه الجملة، فههنا عبارة مختصرة، وهي أن تقول: المعنى ومعنى المعنى، تعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ، والذي تصل إليه بغير واسطة. وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى، ثم يفضي بك ذلك المعنى، إلى معنى، ثم يفضي بك ذلك المعنى، إلى معنى آخر كالذي فسرت لك" (١).


(١) دلائل الإعجاز: (٢٠٢ - ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>