للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

وهن من الأخلاق بعدك والمطل

وأصل هذا الباب عندي قول الله عز وجل: {خلق الإنسان من عجلٍ} [الأنبياء: ٣٧]، .. وقولك رجل دنف، أقوى معنى لما ذكرناه من كونه كأنه مخلوق من ذلك الفعل: وهذا معنى لا تجده ولا تتمكن منه مع الصفة الصريحة". (١)

وقال: "فإذا قيل (رجل عدل)، فكأنه وصف بجميع الجنس مبالغة كما تقول: استولى على الفضل، وحاز جميع الرياسة والنبل ولم يترك لأحد نصيبًا في الكرم والجود، ونحو ذلك، فوصف بالجنس أجمع تمكينًا لهذا الموضع وتوكيدًا.

وقد ظهر منهم ما يؤيد هذا المعنى، ويشهد به، وذلك نحو قوله ..

ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل ... وضنت علينا والضنين من البخل.

فهذا كقولك: هو مجبول من الكرم، ومطين من الخير، وهي مخلوقة من البخل .. وأقوى التأويلين في قولها (فإنما هي إقبال وإدبار) أن يكون من هذا، أي كأنها مخلوقة من الإقبال والإدبار، لا على أن يكون من باب حذف المضاف أي ذات إقبال وذات إدبار. ويكفيك من هذا كله قول الله عز وجل {خلق الإنسان من عجل} وذلك لكثرة فعله إياه واعتياده له" (٢).

وقال: " قول الله سبحانه {إن أصبح ماؤكم غورًا} [الملك: ٣٠]، أي غائرا ونحو قولها:

فإنما هي إقبال وإدبار.

وما كان مثله من قبل أن من وصف بالمصدر فقال: هذا رجل زور، وصوم، ونحو ذلك، فإنما ساغ ذلك له لأنه أراد المبالغة وأن يجعله هو نفس الحدث لكثرة ذلك منه" (٣).


(١) الخصائص ٣/ ٢٥٩ - ٢٦٠
(٢) الخصائص ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣
(٣) الخصائص ٣/ ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>