للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي نراه صوابًا في هذا أن المعنى هو الذي يعين الاسم من الخبر، فالذي أردت أن تخبر عنه تجعله إسمًا للفعل الناقص، والذي أردت أن تخبر به تجعله خبرًا، وليس لك أن تجعله أيا شئت منهما اسما أو خبرًا، وليس المعنى واحدًا، فإذا قلت مثلا (ذو دين متين، ذو عرض مصون) كان المعنى صحيحا ولكن إذا قلت (ذو عرض مصون، ذو دين متين) فليس القول على إطلاقه فقد يكون ذو العرض ليس ذا دين، فقد ثبت أن معنى الجملتين مختلف وهكذا لو أدخلت الفعل الناقص على الجملتين.

ولو قلت (ما كان ذو دين متين إلا ذا عرض مصون) كان المعنى صحيحًا، ولكن لو قلت (ما كان ذو عرض مصون إلا ذا دين متين) لم يستقم القول فإن هذا القول ليس على إطلاقه، ولو كان معنى الجملتين واحدًا في ال حصر لكان معناهما في غير الحصر واحدًا.

ولو قلت مثلا: (ما كان مثلك أحدٌ (١)) لكان المعنى: لا يشبهك أحد. ولو قلت (ما كان مثلك أحدًا) لكان المعنى: (ما كان مثلك إنسانًا) أي أن الذي يشبهك ليس إنسانًا "وذلك غير جائز إلا أن يراد به المثل على التعظيم لشأنه أو الوضع منه كقولهم: (ما أنت إلا شيطان) و (ما فلان إلا ملك) " (٢).

جاء في (كتاب سيبويه): "ولو قال: ما كان مثلك أحدًا أو ما كان زيد أحدا كان ناقضا لأنه قد علم أنه لا يكن زيد ولا مثله إلا من الناس".

وإذا قلت: ما كان مثلك اليوم أحدٌ فإنه يكون غلا يكون في اليوم إنسان على حاله إلا أن تقول: ما كان زيدٌ أحدًا أي من الأحدين. وما كان مثلك أحدًا على وجه تصغيره فتصير كأنك قلت: ما ضرب زيد أحدًا وما قتل مثلك أحدًا" (٣).


(١) (مثل) نكرة موغلة بالإبهام لا تتعرف بالإضافة.
(٢) الجمل ٦٠
(٣) كتاب سيبويه ١/ ٣٧

<<  <  ج: ص:  >  >>