للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوي أننا بشر فأسجح (١).

والذي يبدو لي أن ثمة فرقًا في المعنى بين العطف على اللفظ، والعطف على المحل فإذا قلت: (ما محمد بكاتب ولا شاعر) كان المعطوف مؤكدًا، لأنه على أرادة الباء الزائدة للتوكيد. وإذا قلت (ما محمد بكاتب شاعرًا) كان المعطوف غير مؤكد، لأنه ليس على إرادة الباء، فيكون المعطوف عليه آكد في النفي من المعطوف، وهذا واضح، جاء في كتاب سيبويه: " وتقول: ما زيد كعمرو ولا شبيها به، وما عمرو كخالد ولا مفلحًا، النصب في هذا جيد لأنك إنما تريد ما هو مثل فلان ولا مفلحًا، هذا معنى الكلام، فإن أردت أن تقول: ولا بمنزلة من يشبهه جررت وذلك قولك: ما أنت كزيد ولا شبيه به، فإنما أردت ولا كشبيه به" (٢).

فإن النصب ليس على إرادة الكاف والجر على إرادته، وجاء فيه: "ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهب إذا لم تجعله على كان وجعلته غير ذاهب الآن" (٣).

فأنت ترى إن الجملة المعطوفة كما يقول سيبويه على غير إرادة معنى (كان) أي على غير إرادة معنى المضي ولو قلت: ما كان عبد الله منطلقا ولا زيد ذاهبًا، لكانا بمعنى واحد أي على إرادة كان. وهذا مثل ذاك.

وقد يقول قائل: كيف يمكن عطف ما هو أقل توكيدًا على المؤكد أو بالعكس؟ وهل يوافق هذا وظيفة العطف التي تفيد التشريك ولا سيما الواو؟ فإنه إذا كان الأول مؤكدًا كان الثاني مؤكدا بحكم العطف

وإزالة هذه الشبهة نقول إن العطف لا يعني تمام التشريك، فالواو كما يقول النحاة (لمطلق الجمع) ولا تفيد التشريك التام، ولذا يعطف بها المنفي على المثبت تقول: ذهب ولم يعد، والإنشاء على الخير كقوله تعالى: {وأخرى تحبونها نصرٌ من الله وفتح قريب وبشر


(١) الرضي على الكافية ١/ ٢٩٣
(٢) سيبويه ١/ ٣٥
(٣) سيبويه ١/ ٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>