للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في (المفصل): ""والفصل بين معني عسى وكاد إن (عسى) لمقاربة الأمر على سبيل الرجاء والطمع تقول: عسى الله أن يشفي مريضي، تريد أن قرب شفائه مرجو من عند الله مطموع فيه، و (كاد) لمقاربته على سبيل الوجود والحصول تقول: كادت الشمس تغرب تريد أن قربها من الغروب قد حصل (١) ".

وخبرها فعل مضارع غير مقترن بأن في الغالب وذلك لقربها من الوقوع، بخلاف عسى فناسب ذلك أن يجرد من (أن) لأن (أنْ) للدلالة على الاستقبال كما ذكرنا، وقد يراد بها تنفيس الوقت وتبعيد المقاربة فيجاء بأن في خبرها فقولك (كاد زيد أن يموت) أبعد عن الحصول من قولك (كاد زيد يموت) والجملة الثانية أقرب إلى وقوع الفعل ولذلك جردت من (أن).

قال ابن يعيش: "من أفعال المقاربة (كاد) تقول: كاد زيد يفعل أي قارب الفعل ولم يفعل إلا أن كاد أبلغ في المقاربة من عسى فإذا قلت: (كاد زيد يفعل) فالمراد قرب وقوعه في الحال إلا أنه لم يقع بعد لأنك لا تقوله إلا لمن هو على حد الفعل كالداخل فيه لا زمان بينه وبين دخوله قال الله تعالى: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} [النور: ٤٣]، ومن كلام العرب: كاد النعام يطير .. واشترطوا أن يكون الخبر فعلا لأنهم أرادوا قرب وقوع الفعل فأتوا بلفظ الفعل ليكون أدل على الغرض وجرد ذلك الفعل من (أن) لأنهم أرادوا قرب وقوعه في الحال و (أن) تصرف الكلام إلى الاستقبال فلم يأتوا بها لتدافع المعنيين، ولما كان الخبر فعلا محضًا مجردا من (أن)، قدروه باسم الفاعل لأن الفعل يقع في الخبر موقع اسم الفاعل، نحو زيد يقوم والمراد قائم" (٢).

وقال: "إن الأصل في (عسى) أن يكون في خبرها (أن) لما فيها من الطمع والإشفاق وهما معنيان يقتضيان الإستقبال و (أن) مؤذنة بالاستقبال، واصل (كاد) أن لا يكون في


(١) المفصل ٢/ ١٦٤
(٢) ابن يعيش ٧/ ١١٩، وانظر التصريح ١/ ٢٠٧، درة الغواص ٩١، الرضي على الكافية ٢/ ٣٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>