للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي عقدوا عليه الجملة فأزلوا الكاف من وسط الجملة وقدموها إلى أولها لأفراط عنايتهم بالتشبيه، فلما أدخلوها على أن وجب فتحها لأن المكسورة لا تقع عليها حروف الجر ولا تكون إلا أولا، وبقي معنى التشبيه الذي كان فيها متأخرة فصار اللفظ: كأن زيدًا أسد إلا أن الكاف لا تتعلق الآن بفعل، ولا معنى فعل، لأنها أزيلت عن الموضع الذي كان يمكن أن تتعلق فيه بمحذوف، وقدمت إلى أول الجملة، فزال ما كان لها من التعلق بخبر أن المحذوف ..

فإن قيل: فما الفرق بين الأصل والفرع في كأن؟

قيل: التشبيه في الفرع أقعد منه في الأصل، وذلك إذا قلت: زيد كالأسد بنيت كلامك على اليقين ثم طرأ التشبيه بعد فسرى من الآخر إلى الأول وليس كذلك في الفرع الذي هو قولك (كأن زيدا أسد) لأنك بنيت كلامك من أوله على التشبيه" (١).

وجاء في (التصريح): "وهو للتشبيه المؤكد بفتح الكاف .. نحو كأن زيدًا أسد، أو حمار مما الخبر فيه أرفع من الاسم أو أخفض منه، ففيه تشبيه مؤكد بكأن، لأنه مركب من الكاف المفيدة للتشبيه وأن المفيدة للتوكيد والأصل: إن زيدًا كالأسد، أو كالحمار فقدمت الكاف على (أن) ليدل أول الكلام على التشبيه من أول وهلة، وفتحت همزة أن وصاروا كلمة واحدة ولهذا لا تتعلق الكاف بشيء" (٢).

والتشبيه بكأن أبلغ من التشبيه بالكاف جاء في (دلائل الإعجاز):

"أن تقصد تشبيه الرجل بالأسد فتقول: (زيد كالأسد)، ثم تريد هذا المعنى بعينه فتقول: كأن زيدا الأسد، فتفيد تشبيهه أيضا بالأسد، إلا أنك تزيد في معنى تشبيهه به زيادة لم تكن في الأول، وهي أن تجعله من فرط شجاعته وقوة قلبه وأنه لا يروعه شيء، بحيث لا يتميز عن الأسد ولا يقصر عنه، حين يتوهم أنه أسد في صورة آدمي" (٣).


(١) ابن يعيش ٨/ ٩١ - ٩٢، وانظر الرضي على الكافية ٢/ ٣٩٨
(٢) التصريح ١/ ٢١٢، الاتقان ١/ ١٦٨
(٣) دلائل الإعجاز ١٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>