للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب إن في النصب ههنا دلالة على معنى ليس في الرفع، فإن التقدير على النصب إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر، فهو يوجب العموم. وإذا رفع فليس فيه عموم، إذ يجوز أن يكون (خلقناه) نعتا لشيء، و (بقدر) خبرا لكل، ولا يكون فيه دلالة على خلق الأشياء كلها إنما يدل على أن ما خلقه منها خلقه بقدر". (١)

وتوضيح ذلك أن قوله تعالى (كل) بالنصب معناه إنا خلقنا كل شيء بقدر، ولو جاءت بالرفع لاحتمل المعنى أن تكون (خلقناه) صفة لسيء و (بقدر) خبرا لكل فيكون المعنى إن الشيء الذي خلقناه كان بقدر. ومعنى ذلك ما روى عن عتبان الحروري في قوله:

فإن يك منكم كان مروان وابنه ... وعمرو ومنكم هاشم وحبيب

فمنا حصين وابطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب

فإنه لما بلغ الشعر هشاما وظفر به قال له: أنت القائل.

ومان أمير المؤمنين شبيب.

فقال: لم اقل كذا وإنما قلت:

ومنا أميرَ المؤمنين شبيب.

فتخلص بفتحة الراء بعد ضمها". (٢)

فأنت تلاحظ أن فتح الراء من (أمير) أنجاه من هلاك محقق، وذلك أن المعنى برفع (أمير) أن شبيبا هو أمير المؤمنين لا هشاما: فـ (منا) خبر مقدم (وأمير) مبتدأ مؤخر وشبيب بدل.

والمعنى بنصب (أمير) أن يكون على النداء: أي: ومنا - يا أمير المؤمنين - شبيب فهو يقر بأن هشاما أمير المؤمنين، وفرق بين التعبيرين.


(١) حاشية سيبويه ١/ ٧٤، وانظر التصريح ١/ ٣٠٢، الأشموني ٢/ ٨٠
(٢) تحرير التحبير ٢٤٩ - ٢٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>