للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفعل في القرآن الكريم في اثنى عشر موطنا ولم ينصب مفعولا، وقد ورد في المواطن كلها معلقا كقوله تعالى: {وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} [الأنبياء: ١٠٩]، وقوله: {ولم أدر ما حسابيه} [الحاقة: ٢٦]، إلا في موطن واحد يحتمل التعليق وغيره، وذلك قوله تعالى {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} والراجح أنه معلق.

وقد تقول ما الفرق بين علم ودري؟

جاء في (تاج العروس) إنه قيل: " إن الدراية أخص من العلم كما في التوشيح وغيره. وقيل أن (دري) يكون فيما سبقه شك قال أبو علي، أو علمته بضرب من الحيلة ولذا لا يطلق على الله تعالى (١).

والذي أراه أن الدراية تكون بعد الجهل بالشيء ولذا لا تستعمل في حق الله تعالى: (وعلم) أعم من ذلك، فقد يستعمل في ذلك غيره. ومما يدل على اختلافهما أنه لا يجوز وضع أحدهما مكان الآخر، وذلك نحو قوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} [الممتحنة: ١٠]، فإنه لا يصح أن يقال (فإن دريتموهن مؤمنات)، وقوله: {وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون} [البقرة: ٢٣٠]، وقوله {واعلموا أن الله مع المتقين} [البقرة: ١٩٤]، وقوله {واعلموا أن فيكم رسول الله} [الحجرات: ٧]، فأنت ترى أنه لا يحسن إبدال فعل الدراية بفعل العلم في مثل هذه المواطن مما يدل على أن الفعلين مختلفان.

فالدراية كما ذكرنا تكون بعد الجهل، وفي الغالب تكون بإخبار، أو بما هو بمنزلة الأخبار كأن تعلم الأمر بضرب من الحيلة والتوسل، وذلك كأن يفعل شخص أمورا لا تعلمها ثم تحاول الإطلاع عليها بوسيلة ما، فتطلع على ذلك فتقول: قد دريت بما يفعل فلان.


(١) تاج العروس (درى) ١٠/ ١٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>