للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهناك فرق بين القول (ألم يروا الطير مسخرات) و (ألم يروا إلى الطير مسخرات) فالرؤية الأولى رؤية بصرية، والثانية نظر عقلي وتفكري، أي ألم تر، فتمتد بك الرؤية إلى ما ذكرت لك من الأحوال، فتعجب من هذا الصنع الخلاق؟

ونحو قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة} [النساء: ٧٧]، أي ألم تعجب من حالهم؟ فهناك فرق بين قولك (ألم تر الذين قيل لهم) وهذا القول. فالأولى رؤية بصرية، والثانية نظر تفكري، ودعوة إلى العجب من أمرهم، ونحوه قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} [الفرقان: ٤٥]، وقوله: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد} [الفجر: ٦].

جاء في (شرح الرضي على الكافية): "وقوله: {ألم تر إلى الذين خرجوا} [البقرة: ٢٤٣]، متضمن معنى الإنتهاء أي ألم ينته علمك إلى حالهم؟ " (١).

وجاء في (لسان العرب): " وقوله عز وجل: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيب من الكتاب يدعون إلى كتاب} [آل عمران: ٢٣]، قيل معناه: ألم تعلم؟ أي لم ينته علمك إلى هؤلاء؟ ومعناه: أعرفهم .. وقال بعضهم: (ألم تر) ألم تخبر، وتأويله سؤال فيه إعلام، وتأويله أعلن قصتهم، وقد تكرر في الحديث: ألم تر إلى فلان وألم تر إلى كذا، وهي كلمة تقولها العرب عند التعجب من الشيء، وعند تنبيه المخاطب كقوله تعالى: {الذين أخرجوا من ديارهم} {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب} [آل عمران: ٢٣]، أي لم تعجب لفعلهم وألم ينته شأنهم إليك (٢).

وجاء في (البرهان): " وأما قوله تعالى: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} فدخلها معنى التعجب كأنه قيل: الم تعجب إلى كذا، فتعدت بإلى كأنه لم تنظر، ودخلت (إلى) بمعنى العجب، وعلق الفعل على جملة الاستفهام" (٣).


(١) شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٠٧
(٢) لسان العرب / رأى ١٩/ ١٢
(٣) البرهان ٤/ ١٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>