للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحوه أن تقول: أضرب محمد خالدا؟ وأمحمد ضرب خالدا؟ ففي الجملة الأولى حصل الشك في الضرب، وأما في الثانية فإن الضرب قد حصل، ولكن السؤال عن الضارب، جاء في (دلائل الإعجاز): " وهذه مسائل لا يستطيع أحد أن يمتنع من التفرقة بين تقديم ما قدم فيها وترك تقديمه. ومن أبين شيء في ذلك الاستفهام بالهمزة، فإن موضع الكلام على أنك إذا قلت: أفعلت؟ فبدأت بالفعل، كان الشك في الفعل نفسه وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده، وإذا قلت: أانت فعلت؟ فبدأت بالاسم كان الشك في الفاعل من هو؟ وكان التردد فيه، ومثال ذلك أنك تقول: أبنيت الدار التي كنت على أن تبنيها؟ أقلت الشعر الذي كان في نفسك أن تقوله؟ أفرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه، ؟ تبدأ في هذا ونحوه بالفعل، لأن السؤال عن الفعل نفسه والشك فيه، لأنك في جميع ذلك متردد في وجود الفعل وانتفائه، مجوز أن يكون قد كان وأن يكون لم يكن وتقول: أأنت قلت هذا الشعر؟ أأنت كتبت هذا الكتاب؟ فتبدأ في ذلك كله بالاسم، ذلك لأنك لم تشك في الفعل أنه كان، كيف وقد أشرت إلى الدار مبنية، والشعر، مقولا، والكتاب مكتوبا؟ وإنما شككت في الفاعل من هو؟ فهذا من الفرق لا يدفعه دافع ولا يشك فيه شاك، ولا يخفي فساد أحدهما في موضع الآخر، فلو قلت: أأنت بنيت الدار التي كنت على أن تبنيها؟ أأنت قلت الشعر الذي كان في نفسك أن تقوله؟ أنت فرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه؟ خرجت من كلام الناس وكذلك لو قلت: أبنيت هذه الدار؟ أقلت هذا الشعر؟ أكتبت هذا الكتاب؟ قلت ما ليس بقول" (١).

وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل} [الفرقان: ١٧]، "والمعنى أأنتم أوقعتموهم في الضلال عن طريق الحق، أم هم ضلوا عنه بأنفسهم؟ " (٢).


(١) دلائل الإعجاز ٨٦ - ٨٨
(٢) الكشاف ٢/ ٤٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>