للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنها شبيهة بتاء الفاعل، وذلك إن التاء المتحركة تكون للمتكلم. أو للخطاب والتاء الساكنة للغائبة. ثم إنها تقابل نون النسوة فإن التاء هذه للأفراد، ونون النسوة للجمع، ولما كانت نون النسوة اسما، كانت التاء كذلك، لأنها مفردها كالتاء المضمونة و (نا)، ضمير المتكلمين، فإن (نا) اسم، ومفرده وهو التاء المضمونة اسم أيضا، فلماذا لا تكون التاء الساكنة اسما؟

ومن أظهر ما يرد هذا القول، إنك تأتي بعد هذه التاء بالفاعل ظاهرا (١) فتقول: ذهبت ليلى، وخرجت سعاد، في حين لا يصح ذلك مع بقية الضمائر، فلا يؤتي بالفاعل بعد التاء المتحركة، ولا بعد نون النسوة فلا يقال (ذهبت خالد) على أن خالدا فاعل، ولا (ذهبن الهندات) على أن الهندات فاعل في اللغة المشهورة، فاختلف الأمر بين هذه التاء، والتاء المتحركة، جاء في (شرح ابن يعيش): " والتاء مؤذنة بأن الفعل لمؤنث والذي يدل أنها ليست اسما أشياء منها: إنك تقول (هند ضربت جاريتها) فترفع الجارية بأنها فاعلة، ولو كانت التاء اسما لم يجز رفع الاسم الظاهر، لأن الفعل لا يرفع فاعلين، أحدهما مضمر والآخر ظاهر.

ومنها أنها لو كانت اسما، لكنت إذا قلت (قامت هند) قدمت المضمر على المظهر وذلك لا يجوز.

ومنها إنك تقول في التثنية (قامتا) فتجمع بين التاء وضمير التثنية، فيلزم من ذلك أن يكون الفعل خبرًا عن ثلاثة من غير اشتراك. (٢)

وأما الشبهة القائلة بأن نون النسوة جمع لتاء التأنيث الساكنة، فهي وهم، فإن نون النسوة ليست جمعا لتاء التأنيث، وقد ذكرنا إنه لا يجوز ذكر فاعل ظاهر بعد نون النسوة بخلاف تاء التأنيث، ثم إنك قد تأتي مع الجمع بتاء التأنيث فتقول (حضرت النساء)، قال تعالى {وإذا الكواكب انتثرت} [الانفطار: ٢] وتستعمل تاء التأنيث لجماعة الذكور أيضا


(١) انظر الرضي على الكافية ٢/ ٩
(٢) ابن يعيش ٣/ ٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>