للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند النحاة أن التحذير لا يكون للمتكلم، ولا الغائب، مع ورود نصوص قليلة بذلك نحو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لتذك لكم الأسل والرماح والسهام وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب)، وقول زياد: (إياي ودعوة الجاهلية) وقوله أيضا: (إياي ودلج الليل) وقولهم: (إذ بلغ الرجل الستين فإياه وايا الشواب) (١).

جاء في كتاب سيبويه: "ومن ذلك أيضا قولك (إياك والأسد)، و (إياي والشر)، كأنه قال (إياك فاتقين والأسد) وكأنه قال:

(إياي لاتقين والشر) فإياك متقي، والأسد والشر، متقيان، فكلاهما مفعول ومفعول منه، ومثله (إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب)، ومثله (إياك وإياه) و (إياي وإياه) كأنه قال: إياك باعد، وإياه أونح.

ورغم أن بعضهم يقال له (إياك) فيقول: إياي، كأنه قال: إياي أحفظ وأحذر، وحذفوا الفعل في (إياك) لكثرة استعمالهم إياه في الكلام، فصار بدلا من الفعل .. فكأنه قال: إحذر الأسد، ولكن لابد من الواوـ، لأنه اسم مضموم إلى آخر" (٢).

فذكر سيبويه إنه ورد تحذير الإنسان لنفسه لأتق، لأحذر، وتحذير المتكلم لنفسه على ضربين:

إما أن يكون المقصود به المخاطب، مع وروده بأسلوب تحذير النفس، وهو نحو قول عمر رضي الله عنه (وإياك وأن يحذف أحدكم الأرنب) أي احذروني في أن يحذف أحدكم الأرنب، وهو إن كان أخرجه مخرج التحذير للنفس فإن المقصود به المخاطب وهو نظير قولك (لا ارينك هنا بعد اليوم) فهو وإن كان بإسلوب النهي للمتكلم إلا أن المقصود به المخاطب، ومنه قول زياد الذي ذكرته آنفا، وفي الحديث (إياي والتشادق) وهو من هذا الباب.


(١) التصريح ٢/ ١٩٣ - ١٩٤، الرضي على الكافية ١/ ١٩٦، الهمع ١/ ١٦٩ - ١٧٠
(٢) سيبويه ١/ ١٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>