للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعظك أن تجهل، وإياك أن تجهل.

فالأول تحذير بالفعل، والثاني تحذير بالاسم، أو بالكناية.

ثم إن التحذير بـ (إيّا) هو منع عام بصيغة التبعيد المطلق، في حين ان التحذير بالفعل مقيد بمعنى ذلك الفعل فقولك (احذر) مقيد بمعنى فعل التحذير، و (أعظك) مراد منه الوعظ و (أنهاك) مراد به معنى النهي وهكذا.

وأما ما كان بغير (إيا) من المكرر والمعطوف، فحذف فعله واجب عند الأكثرين، وأما ما لم يكن مكررا فذكر فعله جائز كما سبق أن ذكرنا.

قالت سيبويه: " وإنما حذفوا الفعل في هذه الأشياء حين ثنوا (١) لكثرتها في كلامهم واستغناء بما يرون من الحال وبما جرى من الذكر، وصار المفعول الأول بدلا من اللفظ بالفعل حين صار عندهم مثل إياك .. ولو قلت (نفسك) أو رأسك، او الجدار كان إظهار الفعل جائزا نحو قولك اتق رأسك أو احفظ نفسك، واتق الجدار فلما ثنيت صار بمنزلة إياك (٢) ".

وذكر غيره أن سبب الحذف هو أن الوقت يضيق عن ذكر غير المحذوف منه قال الرضي: " وحكمة اختصاص وجوب الحذف بالمحذر منه المكرر، وكون (٣) تكريره دالا على مقارية المحذر منه للمحذر بحيث يضيق الوقت إلا عن ذكر المحذر منه على أبلغ ما يمكن، وذلك بتكريره، ولا يتسع لذكر العامل مع هذا المكرر وإذا لم يكن الاسم جاز إظهار العالم اتفاقا (٤).

وقال: وإنما وجب الحذف في الأول والثاني [أي ما كان بذكر المحذر، والمحذر


(١) المعنى حين كرروا.
(٢) ١٥٥ سيبويه ١/ ١٣٨ - ١٣٩
(٣) الراجح فيما يبدو زيادة الواو
(٤) الرضي على الكافية ١/ ١٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>