للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوز البيانيون تقديره مؤخرا عنه وقالوا: لأنه يفيد الاختصاص حينئذ وليس كما توهموا" (١).

وجاء في (التصريح): "وجميع ما يقدر في هذا الباب يقدر متقدما على الاسم المنصوب إلا أن يمنع مانع من حصر أو غيره فيقدر متأخرا عنه (٢) " فلا يفيد تخصيصا عند النحاة.

والذي أراه في هذا الباب أن الاشتغال لا يفيد تخصيصا، ولا توكيدا وإنما هو إسلوب خاص يؤدي غرضا معينا لأنه ليس معنى:

(خالدا أكرمت) كمعنى (خالداً أكرمته).

ولا معنى (على محمد سلمت) كمعنى (محمدا سلمت عليه).

فمعنى (خالدا أكرمت) خصصته بالكرم، وأما (خالدا أكرمته) فتفيد إكرام خالد، لا تخصيصه بالاكرام، وقد قدمته للعناية، وكذلك قولك (على محمد سلمت) و (محمدا سلمت عليه) فالأولى تفيد التخصيص، بخلاف الثانية فإنك قدمت الاسم للاهتمام به. واي تخصيص في نحو قولك (محمدا رأيت رجلا يحبه) و (خالدا أهنت أخاه)؟ وهل في قوله تعالى: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} [النحل: ٥]. وقوله: {ولوطا آتيناه حكما وعلما} [الأنبياء: ٧٤]، تخصيص؟

وأي دليل على أن الفعل متأخر عن الاسم، وهو لم يظهر البته؟

وهو لا يفيد توكيدا أيضا إذ لو كان توكيدا لجاز ذكره بل لوجب ذكره، عند بعض النحاة لأن الحذف ينافي التوكيد، فلا مانع في التوكيد من أن تقول (أكرمت محمدا أكرمت محمدا) و (أكرمت محمدا أكرمته) فتعيد الضمير على الاسم المتقدم.

إن الاشتغال تعبير خاص وأسلوب معين له غرض معين كما ذكرت.


(١) المغني ٢/ ٦١٣، وانظر معترك الاقتران ١/ ٣٠٦، الهمع: ٢/ ١١٤
(٢) التصريح ١/ ٣٠٧، وانظر المغنى ٢/ ٦١٣، حاشية يس ١/ ٣٠٧ لتوضيح الموانع.

<<  <  ج: ص:  >  >>