للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبعثون. قال فإنك من المنظرين. إلى يوم الوقت المعلوم، قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين. قال هذا صراط على مستقيم. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} [الحجر: ٢٦ - ٤٢].

فالكلام على الله تعالى وخلقه، لكنه أراد أن يفرد الجان بحديث، فقدمه وأعاد عليه الضمير للكلام عليه، وقد تقول: ولم لم يقدم الإنسان، وقد ذكر الإنسان أيضا؟ والجواب أنه وإن ذكر الإنسان فإن مدار الحديث في هذه الآيات عن الجن فالكلام على إبليس ومجادلته ربه.

فأنت ترى أنه قدم الأرض في الآيات الأول، لأن الحديث عليها أهم، وقدم الجان لأن القصد يتعلق بذكرهم.

وإليك مثالا آخر، قال تعالى: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} [النحل: ٥]، فإنه نصب (الأنعام) ول يرفعها، والسياق يوضح سبب ذلك قال تعالى: {خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين. والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم. والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون} [النحل: ٣ - ٨]، فأنت ترى أن الكلام على الله تعالى، ولكنه قدم الانعام للاهتمام بها، والحديث عنها من بين ما ذكر، فقد ذكر خلقه السماوات والأرض والإنسان، والأنعام، والخيل، والبغال، والحمير، ولكن أكثر الحديث في هذه الآيات عن الأنعام، فقدمها للحديث عنها والاهتام بها في هذا المجال.

وقال تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه} [الإسراء: ١٣]، فنصب (كل) ولم يرفعها وذلك لأن الكلام إنما هو على الله، وقدم (كل إنسان) للاهتمام، وهذا سياق الآيات يوضح ذلك: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا. وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا} [الإسراء: ١٢ - ١٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>