للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تفهم، ولكنك أردت أن تذكر الرجل بفضل فيه، وأن تجعل ذلك خصلة قد استكملها كقولك، له حسبٌ حسبُ الصالحين، لأن هذه الأشياء وما يشبهها صارت تحلية عند الناس، وعلامات وعلى هذا الوجه رفع الصوت.

وإن شئت نصبت فقلت له علم علم الفقاء، كأنك مررت به في حال تعلم، وتفقه، وكأنه لم يستكمل أن يقال له عالم ..

وإذا قلت له صوتٌ صوتَ حمار، فإنما أخبر أنه مر هو يصوت صوت حمار، وإذا قال: له علمٌ علمُ الفقهاء، فهو يخبر عما قد استقر فيه قبل رؤيته، وقبل سمعه منه، أو رآه يتعلم فاستدل بحست تعلمه على ما عنده من العلم، ولم يرد أن يخبر أنه إنما بدأ في علاج العلم في حال لقيه إياه، لأن هذا ليس مما يثني به، وإنما الثناء في هذا الموضع أن يخبر بما استقر فيه، ولا أن يخبر أن أمثل شيء كا ممه النعلم في حال لقائه (١).

وهو - كما ترى - لا يخرج عن القاعدة التي ذكرناها في أن المصادر المرفوعه تدل على الثبوت، والمنصوبة تدل على الحدوث، فبالرفع يكون المعنى أن حالته الثابتة كذلك فبكاؤه كذلك وقفزه كذلك، وأما النصب فلبيان حالة موقوته.

[٤ - المصادر المثناة]

وردت مصادر منصوبة بصورة المثنى، مضافة إلى الضمير نحو لبيك وسعديك وحذاريك، ودواليك، وهذه المصادر وإن كانت بصورة المثنى لا يراد منها التثنية، وإنما يراد بها التكثير قال سيبويه: هذا باب من يجيء من المصادر مثنى منتصبا، على إضمار الفعل المتروك إظهاره: وذلك قولك حنانيك كأنه قال تحننا بعد تحنن، كأنه يسترحمه ليرحمه ولكنهم حذفوا الفعل، لأنه صار بدلا منه ولا يكون هذا مثنى إلا في حال إضافة .. ومثل ذلك لبيك وسعديك .. ومثل ذلك حذاريك، كأنه قال ليكن منك حذر بعد حذر كأنه قال ليكن منك حذر بعد حذر كأنه اراد بقولك لبيك وسعديك إجابة بعد إجابة، كأنه يقول كلما أجبتك في


(١) سيبويه ١/ ١٨١ - ١٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>