للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أنه لما كانت (لدن) أخص من (عند) لكونها أقرب مكانا منهما، كانت أبلغ من (عند) لأنها مبدأ المكان والزمان، ولم تستعمل (لدن) في القرآن الكريم، إلا مع الله نحو قوله {من لدن حكيم خبير} [هود: ١]، {من لدن حكيم عليم} [النمل: ٦]، {من لدنا أجرا عظيما} [النساء: ٦٧]، {رزقا من لدنا} [النساء: ٥٧].

{من لدنك سلطانا نصيرا} [الإسراء: ٨٠]، إلا في موطن واحد هو قوله: {قد بلغت من لدني عذرا} [الكهف: ٧٦].

فهي أبلغ من (عند) لأنها الصق، وقد استعملت في القرآن الكريم في خصوصيات الألطاف، والتعليم والرحمة والإلهية، وبموازنة ذلك بين واستعمال (عند) يتضح الأمر.

[لدى]

وهي بمعنى (عند) لا بمعني (لدن)، تلازم ابتداء الغاية المكانية والزمانية، ولذا كثر جرها بمن، أما لدي فلا تستعمل مجرورة بمن، وذكروا أن الفرق بينهما وبين وعند أن (عند) تكون ظرفا للاعيان، والمعاني .. و (لدى) لا تكون ظرفا للمعاني، بل للاعيان خاصة، يقال: عندي هذا القول صواب، ولا يجوز لدي، ذكره ابن الشجري في أماليه ومبرمان في حواشيه، .. وأنك تقول (عندي مال) وإن كان غائبا، ولا تقول (لدى مال) إلا إذا كان حاضرًا" (١).

وجاء في (شرح الرضي): " وأما (لدى) فهو بمعنى (عند)، ولا يلزمه معنى الابتداء و (عند) اعم تصرفا من (لدي)، لأن (عند) تستعمل في الحاضر القريب، وفيما هو حرزك، وإن كان بعيدًا بخلاف (لدي)، فإنه لا يستعمل في البعيد" (٢).


(١) الهمع ١/ ٣٠٢، المعنى ١/ ١٥٦، ابن يعيش ٤/ ١٠٠، الأمالي الشجرية ١١/ ٢٢٤
(٢) الرضي على الكافية ٢/ ١٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>