للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الأولى استفسار عن علة الفعل، والثانية سؤال عن المقابل الذي دعاك إلى الفعل لأن العلية بالباء إنما هي مقابل لشيء حصل، أي حصل هذا بهذا، قال تعالى: {بل لعنهم الله بكفرهم} [البقرة: ٨٨]، وقال: {فبما رحمة من الله لنت لهم} {آل عمران: ١٥٩}، و {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} [الحج: ٣٩]، أما اللام فقد تكون لما لم يقع، ولما نحو (جئت للاستفادة) فالاستفادة مطلوب تحصيلها، وقد تكون الاستفادة حاصلة.

وتقول: أرسلته اختبارا له، أو باختباره، فالأولى تفيد أنه أرسله للاختبار، وأن وقت الارسال هو وقت الاختبار، وأن المرسل هو المختبر.

وأما الثانية فتفيد أن سبب الارسال هو الاختبار، وقد يكون الاختبار لم يقع بعد وقد يكون فاعل الاختبار شخصا آخر.

وتقول: أرسلته لتجربته وأرسلت بتجربته، فقد تفيد الأولى أنه أرسله ليجربه، والثانية تفيد أنه أرسله لأنه مجرب. وكذلك (من) التي تفيد الابتداء مع التعليل، تقول (عض أصبعه ندما) أي من الندم، ومعنى عص أصبعه من الندم أن الندم كان مبدءا للعض، وعلة له ولا يحسن أن تقول: عض أصبعه بالندم لأنك لا تريد أن تقابله به.

فالباء في الغالب تفيد المقابلة مع التعليل، و (من) تفيد الابتداء مع التعليل، و (في) تفيد الظرفية مع التعليل، و (الكاف) تفيد التشبيه مع التعليل، ونحو ذلك. فكل حرف خصوصية في التعليل لا يشركه الآخر فيها، وإن كنت ترى أنه يصح أن تجعل حرفا مكان آخر في تعبير ما، فذلك لأن التعبير يحتمل أداء عدة معان، لا لأن الحرف كان بمعنى الحرف الآخر.

ولنا عودة إلى هذا، في بحث حروف الجر بإذن الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>