للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائزين قلت (ما حضر الفائزون إلا محمد) فإنك هنا بعدته عنهم، وقد يكون البعد حقيقة أو تجوزا، فقد تنصب لقصد التبعيد من المستثنى منه، بأن تجعله ليس بعضا منه، وإن كان منه حقيقة بخلاف الاتباع فإنه يراد به الالصاق بالمستثنى منه، فإن تعذر جعله بعضا منه ولو تجوزا وجب النصب عند بني تميم وغيرهم.

وقد مر بنا أن بني تميم يقولون (مالي عتاب إلا السيف) يجعلون السيف عتابه ويقولون (ماله عليه سلطان إلا التكلف) ونحو ذلك (١).

فهم إذا تجوزوا فجعلوا السيف عتابا، وإلا واري أحدا والتكلف سلطانا، اتبعوا وإن أرادوا التبعيد من ذلك قطعوا.

وهذا ملاك الأمر وهو أن العرب إذا أردوا الصاق المستثنى بالمستثنى منه، أتبعوا وإن أرادوا التبعيد نصبوا. فإن امتنع جعله بعضا منه قطعوا، نحو مازاد هذا المال لا ما تنقص) وعلى هذا تقول (ما جاءني الطلاب إلا خالد) إذا جعلت خالدا بعض الطلاب فإن قلت (خالدا) أبعدته منهم وإن كان طالبا حقا، وذلك لأن تقصيره وعدم انتظامه وقلة معرفته جعلك تسلكه في عداد غير الطلبة وهذا المعنى تجوزي فنى.

٣ - قد يؤتى بالنصب لرد لكلام سابق وذلك كأن يقول قائل (قام القوم إلا محمدا) فتجيب (ما قام إلا محمدا) وليس معنى الجملة الأخيرة إثبات القيام لمحمد، وإنما نفي الجملة كلها أي أن قولك (قام القوم إلا محمدا) غير صحيح، فقد يكون ليس هو المخالف الوحيد أو أن محمدًا قام مع من قام ونحو ذلك.

وهو هنا واجب النصب، ولا يصح فيه الرفع فإنك إن رفعت أثبت القيام لمحمدٍ، وحده جاء في (الأصول): " والقياس عندي إذا قال قائل: قام القوم إلا أباك، فنفيت في هذا الكلام أن تقول: (ما قام القوم إلا أباك) لأن حق حرف النفي أن ينفي الكلام الموجب بحاله وهيئته، فأما إن كان لم يقصد إلى نفي هذا الكلام الموجب بتمامه وبنى


(١) انظر سيبويه ١/ ٣٦٤ - ٣٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>