للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن مالك في الألفية:

ولسوى سوى سواء اجعلا ... على الأصح ما لغير جعلا

وذهب الكوفيون وآخرون إلى أنها تستعمل ظرفا، وغير ظرف، فمن استعمالها ظرفا قولهم (جاءني الذي سواك) ومن استعمالها غير ظرف بل اسما بمعنى (غير) قوله صلى الله عليه وسلم: " دعوت ربي ألا يسلط علي أمتى عدوا من سوى أنفسها" وقوله: " ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود" وقول الشاعر:

ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا

وهو كثير نثرا وشعرا (١).

قال الرضي: " إنما انتصب (سوى) لأنه في الأصل صفة ظرف مكان، وهو (مكانا) قال تعالى: {مكانا سوى} [طه: ٥٨]، أي مستويا ثم حذف الموصوف، وأقيم الصفة مقامه مع قطع النظر عن معنى الوصف، أي معنى الاستواء الذي كان في سوى فصار سوى بمعنى مكانا فقط، ثم استعمل (سوى) استعمال لفظ (مكان) لما قام مقامه في إفادة معنى البدل، تقول (أنت لي مكانا عمرو) أي لأن البدل ساد مسد المبدل منه، وكائن مكانه ثم استعمل بمعنى البدل في الاستثناء لأنك قلت: (جاءني القوم بدل زيد) أفاد زيدا لم يأتك فجرد عن معنى البدلية أيضا لمطلق معنى الاستثناء. فسوى في الأصل مكان مستو، ثم صار بمعنى مكان، ثم بمعنى بدل، ثم بمعنى الاستثناء" (٢).

والحق أنها ليست كغير مطلقا، فإنه يصح أن تقول (مررت برجل غير لئيم) ولا يصح أن نقول (سوى لئيم) قال تعالى: {إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين} [المائدة: ٥]، وقال: {بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم} [الروم: ٢٩].

وقال: {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد} [ق: ٣١]، ولا تحسن (سوى) في هذا ونحوه.


(١) انظر الأشموني ٢/ ١٥٨، ابن عقيل ١/ ٢٠٩، التصريح ١/ ٣٦٢، الهمع ٢٠١
(٢) الرضي على الكافية ١/ ٢٦٩ - ٢٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>