للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكرم أب) فليس فيه هذا المعنى إذ ليس فيه التفضيل المقارن، بل يراد به التفضيل العام ولذا لا يجوز ذكر (من) معه، وعلى هذا فالنصب يختلف عن الجر من نواح عدة أهمها:

١ - النصب يحتمل الحال والتمييز، بخلاف الجر.

٢ - النصب على إرادة التفضيل المقارن بمن، بخلاف الجر.

٣ - النصب يدل على أن المنصوب فاعل في المعنى، بخلاف الجر.

٤ - النصب يدل على أن التمييز مغايرة للمفضل، بخلاف الجر.

والآية هذه يحكيها الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام لابنائه، إذ طلبوا منه أن يرسل معهم أخاهم من أبيهم، وقد كانوا فرطوا في يوسف من قبل، قال تعالى: {قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين} [يوسف: ٦٤]، فكأنه تعريض بحفظهم، أي لم يستطيعوا حفظ يوسف، فلعلهم لا يستطيعون حفظ الآخر أيضا، فالمعنى أن الله خيرٌ حافظًا منك.

ولا يتأتي هذا المعنى في الجر، إذ لا يراد به المقارنة بمن

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن النصب يدل على الفاعلية، وأنه مغاير للمفضل أي أن الحافظ الذي يجعله الله خيرا منكم، كما قال تعالى: {ويرسل عليكم حفظه} [الأنعام: ٦١]، وقال: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظوه من أمر الله} [الرعد: ١١]، فالحافظ هنا من يرسله الله من حفظة، كما تقول (هو أحسن عبدًا) أي عبده أحسن من عبدك، وكما تقول (هو أحسن ولدا) أي ولده أحسن من ولدك. (وهو أنشط عاملا) أي عامله أنشط من عاملك، و (هو خير حافظا) أي حافظه خير منكم بخلاف الجر، فإنه يكون هو الحافظ، كما تقول (هو أحسن رجل وأنشط عامل) فحافظ الله خير منهم، فليست المقارنة بينهم وبين الله، وإنما المقارنة بينهم وبين حفظة الله ولا يتأتي هذا المعنى في الجر.

ويحتمل أن تكون حالا أيضا بمرجوحية، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>