للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأول هو عيسى، والثاني هو آدم عليهما السلام.

ونظيرها في دلالة اللفظ الواحد على معنيين متقابلين (قد) الداخلة على المضارع فأصلها للدلالة على التقليل، كقولك (قد يشفي المريض) و (قد يصدق الكذوب) وقد تدل على التحقيق، كقوله تعالى: {قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا} [الأحزاب: ١٨]، وقوله {قد نرى تقلب وجهك في السماء} [البقرة: ١٤٤]، ويميز بينهما القرائن.

قالوا وهي جواب لكلام ظاهر أو مقدر، فأنت لا تقول ابتداء (رب رجل أكرمت) وإنما هو رد على كلام قيل لك (ما أكرمت رجلا) أو قدرت ذلك، أي كأنه قيل لك ذلك، قال ابن السراج، والنحويون كالمجتمعين على أن (رب) جواب، إنما تقول (رب رجل عالم) لمن قال [ما] (١). رأيت رجلا عالما، أو قدرت ذلك فيه، فتقول (رب رجل عالم) تريد: رب رجل عالم قد رأيت .. وكذلك إذا قال (رب رجل جاءني فأكرمته وأكرمته) فههنا فعل أيضا محذوف، فكأنه قال له قائل، ما جاءك رجل فأكرمته وأكرمته، أي قد كنت فعلت ذاك .. فإذا قال: ما أحسنت إلي، قلت: رب إحسان قد تقدم إليك منى (٢).

وليست كذلك دومًا فيما أرى، بل قد ترد لمجرد ذكر الأمر من غير رد أو تقدير رد، وذلك كقوله (رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) ورب مبلغ أوعى من سامع، ورب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة، ورب هيجا هي خير من دعه.

ويارب أم وطفل حين بينهما ... كما تفرق أرواح وأبدان


(١) سقطت (ما) من الكتاب المحقق ويدل عليها ما بعدها وكلام النحاة الآخرين: انظر شرح ابن يعيش ٨/ ٢٧، شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٦٥
(٢) الأصول ١/ ٥٠٨، وانظر شرح ابن يعيش ٨/ ٢٧، شرح الرضي ٢/ ٣٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>